للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صام في [٣٣٨ أ/٤] سفر حتى بلغ كراع الغميم ثم أفطر" ووجه الدليل أن المسافر هو مخير في ابتداء نهاره بين الشروع في الصوم وبين الفطر وإذا شرع كان مخيرًا أيضًا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذلك هاهنا، واختلف أصحاب أبى حنيفة في هذا وظاهر مذهبهم جواز الفطر له ثم احتج بعده بآثار الصحابة في الصوم والصلاة فقال: وركع عمر ركعة ثم انصرف فقيل له في ذلك أي: روجع فيه فقال: إنما هو تطوع فمن شاء زاد ومن شاء نقص وعند أبي حنيفة ليس له أن ينقص عما نواه.

قال الشافعي: ويخالف هذا الحج والعمرة فإنه إذا شرع فيهما ثم أفسدهما فإنه يلزمه القضاء لأنهما أكد لزوماً وأغلظ حكماً ترى أنه يلزم المضي في فاسدهما بخلاف غيرهما واحتج في سقوط القضاء بما روت أن هانئ رضي اللهم عمها قالت: دخل رسول صلى الله عليه وسلم وأنا صائمة فناولني فضل شرابه فشربت ثم قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني كنت صائمة وإني كرهت أن أرد سؤرك فقال: إن كان قضاء من رمضان فصومي يوماً مكانه وأن كان تطوعاً [٣٣٨ ب/٤] فإن شئت فاقضيه وإن شئت فلا تقضيه" (١)، وأما خبر عائشة وحفصة فنحمله على الاستحباب بدليل هذا الخبر.

فرع

إذا دخل في صوم واجب أداء أو صلاة واجبة أداء أو صوم نذر بعينه لم يكن له الخروج فيه من غير عذر لأنه أوجب عليه فيه بعينه، وإن كان في الذمة غير متعين كقضاء الصوم والصلاة والنذر المطلق والكفارة لا يجوز له الخروج منه إذا دخل فيه، نص عليه "الأم"، لأن هذا واجب عليه في زمان لا يعينه وإذا تلبس به كان تعييناً كذلك الزمان وصار بمنزلة الفرض المعين بخلاف النافلة. وروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم على أخيه وهو صائم فسأله أن يفطر إلا أن يكون ذلك الصوم نذراً أو كفارة أو قضاء من صوم شهر رمضان" (٢).

ومن أصحابنا بخراسان من قال: إن كان يفطره في رمضان عاصيًا عصى بفطره في القضاء لأن قضاءه مضيق الوقت فما من يوم يؤخر القضاء فيه إلا وهو عاصٍ به، وكذلك الكفارة إذا لزمته بسبب غير مباح لا يجوز له الفطر لأنه مضيق الوقت، وإن كان يفطره معذورًا [٣٣٩ أ/٤] كالمريض والمسافر لا يعفي إذا أفطر في القضاء لأن وقته موسع وهو متبرع بالشروع فيه وهو اختيار القفال، وكذلك لو لزمته الكفارة بسبب هو غير عاصٍ به وهذا حسن، ولكنه خلاف المنصوص.

فرع

ذكره والدي رحمة الله: لو كان عليه قضاء رمضان فسهي عنه حتى دخل رمضان


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٣٤٣، ٣٤٤)، وأبو داود (٢٤٥٦)، والترمذي (٧٣١)، والنسائي (٣٣٠٥)، والدارقطني (٢/ ١٧٤)، والبيهقي في "الكبرى" (٨٣٦٠).
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٤٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>