اختلف حدث النوم لاختلف حدث الغائط، وإنه لو كان فيه تفصيل لأبانه (صلي الله عليه وسلم) كما أبان في أكل الناسي أنه لا يفطر الصائم. ثم ذكر خبر آخر وهو قوله (صلي الله عليه السلام)"العينان وكاء السه"، الخبر، ثم قال في معارضة الأثر أثر عائشة وأبي هريرة أنهما قائلا:" من استجمع نومًا فعليه الوضوء مضطجعًا كان أو قاعدًا". ثم أيدهما بما روي عن الخن ثم رجع إلى النظر. وقال هو في معنى من أغمي عليه فلزمه الوضوء على كل حال، فكذلك هذا. والجواب عنه أن يقول: أما خبر صفوان فالقصد به بيان جواز المسح على الخفين في الوضوء دون الغسيل لا غير، فلا يعارض به خبر أنس- رضي الله عنه- الذي قصد أن نوم القاعد لا يوجب الوضوء. وأما الخبر الآخر فهو حجة عليه؛ لأنه أشار إلى أن النوم حدث لأنه مس خروج الحدث من مخرجه، وهذا لا يوجد في القاعد، إذ لو خرج به غالبًا. وأما الأثر عن عائشة وأبي هريرة نحمله على القاعد غير المتمكن، بدليل أثرنا فيكون جمعا بينهما [١١٥ ب/ ١]. وأما الإغماء فقد بينا الفرق بينه وبين النوم فيما تقدم.
وأما الحدث فلأن عينه ناقض بظاهر الكتاب والأخبار بخلاف النوم، ثم عقب الكلام
في النوم بالكلام بالملامسة. وقد ذكرنا الخلاف فيها. واحتج الشافعي بالآية فإنه تعالى قرن الملامسة بالنوم والغائط، ثم أيد بقول ابن عمر- رضي الله عنه- قُبلة الرجل لامرأته ومسها بيده من الملامسة، وهذا التعريف بالألف واللام إشارة إلى الملامسة في الآية، خلاف ما روى أبو حنيفة عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن المراد به الجامعة، ثم قال: وعن ابن مسعود- رضي الله عنه- قريب من معنى قول ابن عمر- رضي الله عنه- وإنما ترك ذكر لفظه لشياعه فيه وهو أنه روى عن ابن مسعود- رضي الله عنه- أنه قال: أيهز أحدكم امرأته هز البكر ثم لا يتوضأ، عليه الوضوء، ثم ذكر الكلام في مس الذكر.
واحتج بخبر بسرة ينت صفوان وقد ذكرنا، ثم قال: وقاس الدبر بالفرج مع ما روى عن عائشة- رضي الله عنها- إذا مست المرأة فرجها توضأت، وأنكر أصحابنا على المزني هذه العبارة. وقالوا: اسم الفرج فيقع على الدبر فلا يصح قوله: وقاس الدبر بالفرج. وإنما يصح أن لو قال: وقاس الدبر بالذكر والقبل. وأيضاً ذكر حديثه عائشة في الفرج ولا يجوز أن يؤيد الأصل بالأثر؛ لأن الأصل يكون متفقا عليه [١١٦ أ/ ١]، وإنما يؤيد الفرع المقيس بالأثر، وإنما يصح هذا بما روي عن عائشة: إذا مست المرأة دبرها توضأت. ولم ينقل ذلك. ومن أصحابنا من قال: يمكن تصحيح عبارته بأنه أراد وقاس الدبر بعلة الفرج فكأنه قال: أحد الفرجين كالذكر ثم بين تعليق الحكم بصفة الفن وبحديث عائشة- رضي الله عنها- ثم أن أصحاب الظاهر ينكرون قياس المسكوت عنه في الشرع على المنصوص عليه ههنا وسلموا في تقويم نصيب الشريك الذي لم يعتق على الشريك المؤسر قياس الأمة على العبد. وإن ورد الخبر في العبد فاحتج عليه الشافعي قاله هناك.