((الأم)) فقال فيه: فإن وجد في ثوبه منيًا ولا يعلم أنه منه أو من غيره فلا غسل عليه. قال أصحابنا: وهذا مثل أن ينام في الثوب هو وغيره ممن يمني أو ينام إلى جنبه من يمني، وإن كان الثوب لا ينام فيه غيره فوجد فهو منه يقينًا فعليه الغسل، ويقضي الصلاة لأقرب نومة نامها، والاحتياط أن يقضي الصلوات من الوقت، الذي لا يشك أن الاحتلام كان بعده. وقال الشافعي في المسألة الأولى، يستحب له أن يغتسل، وهذا حكم من رأى بثوبه نجاسة ولا يدري متى أصابته.
فرع آخر
لو شك مما خرج منه فلا يدري انه مني أو مذي، فإن كان توضأ وصلى في ثوب آخر
ولم يغتسل [١٢٥ ب/١] جازت صلاته، وإن اغتسل وصلى في هذا الثوب ولم يغسل ثوبه جاز أيضًا لاحتمال أنه مني، فإن غسل الثوب وتوضأ وصلى فيه يجوز أيضًا لاحتمال أنه كان مذيًا.
قال القفال: وهل يجب الترتيب في هذا الوضوء؟ وجهان. وكان يقول: لو أدخل خنثى ذكره في دبر رجل فعلى المفعول به أحد أمرين، إما وضوء مرتب أو غسل، فلا يجب الترتيب في هذا الوضوء؛ لأنه مشكوك فيه، ثم رجع عن هذا فالذهب وجوب الترتيب، فإن
لم يغتسل وصلى في هذا الثوب قبل غسله بعدما توضا لا تجوز صلاته؛ لأنه ترك يقين الطهارة من غسل أو غسل ذلك الثوب هكذا ذكر عامة أصحابنا. وهذا لأنه مخير بين أن يجعله منيًا فيجب الغسل منه فقط، أو يجعله مذيًا فيجب الوضوء منه وغسل الثوب منه لاحتمال الأمرين احتمالًا واحدا- وقال بعض أصحابنا: يلزمه الوضوء فقط فلا غسل للشك، ولا يلزمه غسل الثوب بجواز, أن يكون منيًا، ففيه شك أيضا ذكره في ((الحاوي)) وقطع بهذا.
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، رحمه الله-: عندي أنه يجب أن يتوضأ مرتبًا ويغسل سائر بدنه ويغسل الثوب منه؛ لأنا إن جعلناه منيا أو جنبًا غسل ما زاد على أعضاء الوضوء بالشك والأصل عدمه، وإن جعلناه مذيًا أو جنيًا غسل الثوب والترتيب] ١٢٦ أ/١] في الوضوء بالشك، والأصل أعدمه وليس أحد الأصلين أولى من الأخر، ولا سبيل إلى إسقاط حكمها؛ لأن الذمة قد اشتغلت بغرض الطهارة والصلاة والتخيير لا يجوز؛ لأنه إذا جعله مذيًا لم يأمن، أو يكون منيًا فلم يغتسل له، فإن حوله منيًا لم يأمن أن يكون مذيًا ولم يغسل الثوب منه ولم يرتب الوضوء منه، فوجب أن يجمع بينهما لسقط الفرض بيقين وهذا أحسن، ولكن الأصح عندي الأول، وذلك أنه إذا اختار أحد الأمرين وفعل فقد صار الثاني مشكوكًا في وجوبه، والأصل أن لا وجوب فلا يكلف ذلك اعتبارًا لليقين لا يزال بالشك.