للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالمين لا شريك له فقد روي ذلك عن السلف.

ثم إن النيةً لا يجوز أن تتقدم على الميقات بل يلزمه ضم النيةً إلى أسباب الإحرام عند الميقات، وهذا معنى قوله عند دخوله فيه ثم روى المزني ههنا يعفي ما روى الشافعي من دليل بعض المسائل السابقة في أول هذا الباب، فقال: وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالغسل وتطيب لإحرامه يعني أنه أمر أسماء بالغسل، وكانت نفساء ولدت محمد بن أبي بكر. واحتج الشافعي به على أن الاغتسال للإحرام غير واجب، فقال في "الكبير": ولما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - النفساء بالاغتسال، والاغتسال لا يطهرها علم أن من كان مطهرةً للاغتسال فهو به أولى، واعلم أن الاغتسال غير واجب لأنه لا يطهرها، وقوله " وتطيب يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تطيب لإحرامه وتطيب ابن عباس وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما.

مسألة: قال (١): فإن لبى بحج وهو يريد عمرةً فهو عمرةً، وإن لبّى بعمرةً وهو يريد حجًا فهو حج.

إذا أراد الحج أو العمرةً ونوى ما يريده ولبّى به أجزأه، وهو الأولى وإن نوى الحج ولبّى بعمرةً أو نوى العمرةً ولبّى بحج انعقد الذي نواه يرد؛ لأن العبرة في عقد العبادةَ بالقلب والنيات [٦٥/ب] كما تحصل بالألسنةُ وعمادها الأفئدة.

مسألة: قال (٢): وإن لم ينو حجًا ولا عمرةً فليس بشيء.

ليس على ظاهره، لأنه إذا لم ينو حجاً ولا عمرةً ولكن نوى إحرامًا مطلقًا انعقد إحرامه موقوفًا ثم يصرفه بعد ذلك إلى ما شاء فيقول: أراد أنه إذا لم ينو بقلبه شيئًا أصلًا فلا يلزمه شيء لأنه عقده باليةً ولم يوجد ذلك، وحكي الربيع في المسألة قولًا آخر إن ما ذكر بمائه يلزمه وإن كان قلبه ساهيًا، ومن أصحابنا من قال: المسألةَ على حالين فصورة ما قال ههنا أنه نفي بقلبه ما ذكره بلسانه فلا يكون شيئًا وصورة ما ذكره الربيع أنه نوى بقلبه الإحرام ولم يعين حجًا ولا عمرةً فإن إحرامه ينصرف إلى ما ذكر بلسانه، وعندنا لا يكره آن يذكر التلبية ولا ينوي شيئًا، وقال مالك: يكره لأنه شعار الإحرام، فيكره للحلال كرمي الجمار، وهذا غلط لما روى ابن مسعود رضي الله عنه، لقي ركبانًا بسالحين محرمحين فلبوا، فلبّى ابن مسعود، وهو داخل الكوفةَ، ولأنها تشتمل على حمد الله تعالى والثناء عليه وحده.

مسألة: قال (٣): وإن لبى يريد الإحرام ولم ينو حجًا ولا عمرةً فله الخيار.

الإحرام الموقوف المبهم يجوز وهو على ضربين:

أحدهما: أن يحرم لا بحج ولا بعمرةً بل مطلقًا.

والثاني: أن يقول: إهلال كإهلال فلان، فإن أطلق انعقد وله أن يصرفهما إلى أيهما شاء من الحج والعمرةً إن كان الوقت صالحا لهما، وإن كان الوقت ضاق، وخاف فوت الحج أو كان فات وقت الحج صرفه إلى العمرةً، وإن كان هذا غير وقت إحرام الحج انعقد


(١) (٢) (٣) انظر الأم (٢/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>