ودهن ليس بطيب مثل البان غير المنشوش والزيت والشيرج والسمن والزبد، فإن دهن به جسده غير رأسه ولحيته أو أكله أو شربه، فلا فدية عليه، وإن دهن به رأسه أو لحيته افتدى لأنهما موضع الدهن وهما يترجلان فيذهب شعثهما، وقال أبو حنيفة ومالك: تلزمه به الفدية، وإن استعمله في جسده إلا أن يداوي به جرحه، أو شقوق رجليه لأنه استعمله للتداوي لا للطيب، ويفارق الطيب إذا استعمله في جرحه لأنه طيب في نفسه، وبالدهن تجب الفدية لأنه استعمله استعمال الطيب لا أنه طيب في نفسه، وعن أحمد روايتان:
إحداهما: مثل قول أبي حنيفة. والثانية: أنه لا تجب الفدية، وإن استعمله في رأسه ولحيته. وبه قال الحسن بن صالح بن حي، وهذا غلط لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الحاجّ أشعث أغبر"(١)، وتدهين الرأس يزيل ذلك، وروى ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أدهن في إحرامه بزيت غير مقتت"، قال أبو عبيد أراد غير مطيب، وهذا محمول على التدهين في الجسد، ولأن هذا الدهن لا يستطاب، ولهذا [٨٦/ أ] لو حلف لا يستعمل طيبًا، فاستعمل هذا الدهن لم يحنث، فإذا استعمله في غير شعره لم تجب الفدية كالسمن في الرأس واللحية المعنى ما ذكرنا في وجوب الفدية لا أنه طيب.
فَرْعٌ آخرُ
لو دهن رأسه بالدهن الذي ليس بطيب وهو أقرع أو أصلح لا تلزمه فدية، لأن هذا الموضوع منه كسائر بدنه، وليس فيه ترجيل الشعر، وكذلك الأمر إذا لم يكن على وجهه شعر لا شيء عليه لأنه لم يلق الشعر، ولا أصوله، وكذلك إذا دهن وجنتيه به لا فدية.
فَرْعٌ آخرُ
قال المزني: يدهن المحرم الشجاج في الرأس بالزيت، ولا فدية. قال أصحابنا: أراد به إذا ادهن داخل الشجّة.
فَرْعٌ آخرُ
لو حلق رأسه ودهن وجبت الفدية، ويخالف الأقرع والأصلع، لأن هذا يوجب تحسين شعره وترجيله، فإنه ينبت مرجلًا، وإن لم يكن في الحال شعر بخلاف ذاك، وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا فرق، لأن الرأس محل استعمال الدهن سواء كان عليه شعر أو كان الشعر منحسرًا عنه بالصلع والقرع، والمفرق مذهب المزني اختياره لنفسه.
وقال بعضهم في المحلوق: لا شيء عليه في أصحّ الوجهين أيضًا، وهو اختيار المزني، وهذا ليس بشيء.
فَرْعٌ آخرُ
الشحم والشمع إذا أذينا كالدهن يمنع المحرم من ترجيل الشعر بهما ذكره