للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحملها لا فدية. وقال القفال: تلزمه الفدية لأنه يطيب به, والأول أقيس عندي.

مسألة: قال (١): وإن مسها, وهو لا يعلم أنها رطبة.

الفصل

إذا مس طيباً رطباً فعلق بيده منه شيء, فإن كان عالما برطوبته ذاكراً لإحرامه فعليه الفدية, وإن كان ناسياً لإحرامه, فلا شيء عليه, وكذلك إذا لم يعلم أن الكعبة مطيبة فمسها فعلق بيده منها طيب غسله ولا شيء عليه, وإن كان عالماً بأنها مطيبة, ولم يعلم أن الطيب رطب فمسَه, فكان رطباً, فيه قولان:

احدهما: لا فدية عليه. رواه المزني ونص عليه في "مختصر الحج": أنه علق من غير اختياره, فهو كما لو ترشش عليه الطيب, وقال في "القديم": تلزمه الفدية لأنه قصد مس الطيب ومباشرته, فإذا علق به تلزمه الفدية, ومثل هذه المسألة إذا تمضمض الصائم, فسبق الماء إلى جوفه هل يفطره؟ قولان, ثم قال الشافعي (٢) في "المختصر": وإن حلق وتطيب عامداً, فعليه فديتان, وقد ذكرنا هذه المسألة, وقوله: عامداً راجع إلى الطيب لا إلى الحِلاق, فإن في الحلاق يستوي العمد والخطأ.

مَسْألَةٌ: قال (٣): وإن حلق شعره فعليه مُد.

الفصل

لا يجوز للمحرم أن يأخذ من شعر جسده شيئاً, ولا من أظفاره لغير حاجة, فإن دعته الحاجة إليه مثل إن كثرت هوام رأسه, أو كان به مرض [٨٩/أ] أو جراحة أحوجه إلى حلقه كان له حلقه بشرطي الفدية على ما ذكرنا والأصل فيه قوله تعالى: {ولا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] الآية, فإذا تقرر هذا لو حلق شعر رأسه تلزمه الفدية, وكذلك لو حلق شعر بدنه تلزمه الفدية أيضاً، وقال داود: وهو رواية عن مالك: لا شيء في شعر البدن, ولا فيما عدا شعر الرأس لأن الله تعالى خص الرأس بقوله: {ولا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ}، وهذا لا يصح لأنه يحصل له التنظيف والترفه بحلق شعر البدن فأشبه شعر الرأس, ولو جمع بين حلق شعر الرأس وحلق شعر البدن في وقت واحد تلزمه الفدية الواحدة, وقال الأنماطى: تلزمه فديتان، وهذا غلط لأن الكل في اسم الشعر والحلق سواء فإذا تقرر هذا فأقل ما يجب فيه فدية كاملة ثلاث شعرات لأنها أقل حد الكثرة فيتعلق بها تمام الفدية, وقال أبو حنيفة: لا يلزمه الدم إلا في حلق النصف, وقال مالك: إذا حلق قدراً أماط به الأذى عن نفسه وجب الدم قل أو كثر, وعن أحمد روايتان: إحداهما, مثل قولنا, والثانية, يتعلق الدم بأربع شعرات, واحتج مالك بأن بثلاث شعرات لا تحصل إماطة الأذى فأشبهت الشعرة والشعرتين, واحتج أبو حنيفة بأن الربع يقوم مقام الكل, ولهذا إذا رأى رجلاً يقول: رأيت فلاناً, وإنما رأى إحدى جهاته الأربع, وهذا غلط لأن بحلق الربع والثلث لا يحصل إماطة الأذى على التمام أيضاً, ولا يكون الأذى مربعاً حتى يكون كما قال أبو حنيفة, وإنما يقول: رأيت رجلاً


(١) أنظر الأم (٢/ ٧٠).
(٢) أنظر الأم (٢/ ٧٠).
(٣) أنظر الأم (٢/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>