كل شعرة بحكمها وهذا أصح وعلى هذا إذا حلق ثلاث شعرات ثم ثلاث شعرات يبنى القولين, وقد ذكرنا ما قال أبو حامد والمذهب هذا وإن أتلف شعرة وفدى ثم أتلف أخرى, وفدى لا يتداخل بحال, كما قلنا في اللباس, وقال بعض أصحابنا بخراسان: لو حلق شعرات من ثلاثة مواضع, فيه وجهان, لأن المواضع كالأماكن, وليس نشئ.
فرع آخر
قال: لو قطع المحرم عضواً عليه شعر أو قشط جلدة عليها شعر لم يلزمه للشعر شيء ويكون تابعاً للعضو, ولا يلزمه للعضو فدية, فكذلك للتابع, ولو افتدى كان أحب إلى. قال القاضي الطبري, ولهذا قال أصحابنا: إذا لبس ثوبا مطيباً لا يلزمه للطيب فدية ويصير تابعا للثوب, ولم يذكر خلافاً. وقد ذكر أصحابنا بخراسان في هذه المسألة, ولم يذكروا هذه العلة, وظاهر المذهب هذا.
فرع آخر
لو نبت في عينه شعرة فقلعها أو أسبلت علينه بمعنى طرته أو عزر حاجبيه, فقصه لم يلزمه شيء, وكذلك لو انكسر ظفره, فقلم للتكسر لم يلزمه شيء لأنه اضطر إليه من جهة الشعر, فأشبه إذا قتل الصيد دفاعاً عن نفسه, وبفارق هذا إذا حلق شعر رأسه للهوام لأنه حلقه لمعنى في غيره, وهو الهوام, فتلزمه الفدية كما لو قتل صيداً للأكل عند المجاعة تلزمه الفدية, لأن الضرورة من جهة الجوع دون الصيد, فإن قتل فقد يمثر الشعر فيؤذيه ويحميه, فينبغي أن لا [٩٠/ب] تلزمه الفدية بحلقه, قبل ما يحصل بذلك من الحمى مضاف إلى الزمان دون الشعر وإن كان الشعر سبباً, ألا ترى أنه في زمان الشتاء لا يؤذيه ذلك.
فرع آخر
فدية الحلق على التخيير وإن لم يكن معذوراً, وقال أبو حنيفة: هي على الترتيب في حق غير المعذور, لأن النص بالتخير ورد في المعذور, وهذا غلط لأن كل كفارة ثبت فيها التخير عند العذر كذا عن عدم العذر كجزاء الصيد وكفارة اليمين.
مَسْألَةٌ: قالَ (١): وكذلك الأظفار.
حكم الأظفار حكم الشعر, لأنه قطع جزء من البدن يترفه به كالشعر فإن قلك ظفراً, ففيه الأقوال التي ذكرناها في الشعر, وإن قلّم ثلاثة أظفار في مجلس واحدٍ يلزمه دمّ.
وقال أبو حنيفة: الاستحسان هذا ثم رجع فقال: إن قلّم خمسة أظافر من يد واحدة, يلزمه دمّ, وإن قلّم دون خمسة من يد واحدة, أو أكثر من خمسة من يديه يلزمه صدقة, ويه قال أبو يوسف, وقال محمد: إذا قلّم خمسة أظافر يلزمه دمّ سواء كانت من يد واحدة أو من يدين, واحتجّ أبو حنيفة بأنه لا يستكمل الترفه ومنفعة اليد بدون ذلك, وهذا غلط لأن بحلق ربع الرأس لا يملك الترفه ويجب به دم عنده.
(١) أنظر الأم (٢/ ٧٠).