للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجّة الوداع يستلم الركن بمحجن" (١) المحجن: عود معقف الرأس يكون مع الراكب يحرّك به راحلته، ومعنى طوافه على البعير ليراه الناس، ويشاهدوه فيسألونه عن أمر دينهم، ويأخذوا عنه مناسكهم، فاحتاج إلى أن يشرف عليهم.

وقد روي هذا المعنى عن جابر (٢)، أدرجه في الخبر، وروي: أشار إليه بشيء في يده وكبّر وقبّله.

فرع آخر

الزحام عليه مكروه، وقالت طائفة من العلماء الزحام عليه أفضل لأن سالم بن عبد الله، قال: كنا نزاحم عبد الله بن عمر على الركن، وكان عبد الله لو زاحم الإبل لزحمها، وقال طلحة بن يحيي بن طلحة: سألت القاسم بن محمد عن استلام الركن، فقال: استلمه يا ابن أخي وزاحم عليه، فإني رأيت ابن عمر [١٠٣/ب] يزاحم عليه حتى يُلقى، وقيل لابن عمر: إنك تزاحم على الركنين زحامًا، فقال: لأني سمعتُ رسوله الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن مسحهما كفّارة للخطايا" (٣) وهذا غلط لما روي عن عمر رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنك رجل قوي تؤذي الضعيف، فإذا أردت أن تستلم الحجر، فإن كان خاليًا، فاستلمه وإلا فاستقبله وكّبر" (٤)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تزاحم على الحجر لا تؤذي ولا تؤذي لودَدت أن الذي يزاحم على الحجر نجا منه كفافًا.

فرع آخر

إذا أرادت المرأة تقبيل الحجر، فعلت ذلك في الليل عند خلو الطواف وليس لها ذلك عند زحمة الناس.

فرع آخر

الكمال أن يستقبل الحجر بكل جزء من بدنه، وهو أن يأتي البيت، ويجعل الحجر عن يمين نفسه، ثم يمرّ به مستقبلًا له، فإذا جاوزه صار البيت عن يساره، فأما الإجزأ فأن يحاذي بكل بدنه كل الحجر، أو بكلّ بدنه بعض الحجر إن أمكن كما لو استقبل بجميع بدنه بعض البيت في الصلاة يجوز ولو حاذى ببعض بدنه كل الحجر، أو بعض الحجر فيه قولان.

قال في "القديم": يجزئه لأن محاذاته بجميع بدنه، ومعرفة ذلك مما يشقّ فسومح له فيه، ولأنه حكم يتعلق بالبدن، فاستوي فيه حكم جميع البدن وبعضه كالحد، وقال في


(١) أخرجه البخاري (١٦٠٧)، ومسلم (٢٥٣/ ١٢٧٢).
(٢) أخرجه البخاري (١٥١٥)، ومسلم (٢٥٤/ ١٢٧٣).
(٣) أخرجه الترمذي (٩٥٩)، والنسائي (٢٩١٩)، والحاكم (١/ ٤٨٩).
(٤) أخرجه مالك (٨١٩)، وأحمد (١/ ٢٨)، والحاكم (٣/ ٣٠٦، ٣٠٧)، والبيهقي في "الكبرى" (٩٢٦١)، وفي "معرفة السنن" (٢٩٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>