للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحلاق من (النسك)، وقد حل؛ وعليه الهدي والقضاء من قابل، وإن قلنا: ليس من النسك، قد حل بالسعي وسقط عنه توابع الوقوف من المبيت، بمزدلفة، ورمي الجمار والمبيت بمنى. وبه قال مالك، وروي ذلك عن صر وابن عمر رضي الله عنهما. وقال القفال في "القديم": يتحلل بالطواف والحلاق، ولم يذكر السعي، فقد قيل قولان:

أحدهما: لا يلزم السعي لأنه تابع للطواف فقط كما سقط الرمي، وهذا لا يصح، [(١٧) ٣/ب] لأن الشافعي رضي الله عنه أراد في "القديم": إذا كان سعى عقيب طواف القدوم، فيحتسب بذلك، وهو إذا كان تابعا للطواف، فالطواف لم يسقط، فيستحيل سقوطه وقال أبو حنيفة وسعد مثل ذلك إلا أنهما قالا: لا هدي عليه.

وقال أبو يوسف وأحمد: ينقلب إحرامه عمرة ويتحلل بها، ويروى هذا عن أبى حنيفةَ، وهذا غلط؛ لأن إحرامه انعقد بأحد النسكين، فلا ينقلب إلى الآخر كالعمرة لآ تنقلب حجاً قال الشافعي: وإن حل هذا بعمل عمرة، فليس أن حجه صار عمرةً، وكيف يصير عمرة، وقد ابتدأه حجا؟ وأراد آن الإحرام المنعقد عن الحج لا ينقلب إلى العمرة كما قبل الفوات، ثم إن المزني أخذ هذا الاحتجاج من الشافعي، وجعله مقتضيا للإتيان بأعمال الحج، فقال: قلت: إذا [كان] عمله عنده، أي: إذا كان عمل من مرة الحج عندد الشافعي عمل حج لم يخرج منه إلى عمرة، فقياس قوله: أن يأتي بباقي أعمال الحج مع التوابع من الرمي والمبيت بمزدلفة ومنى، وهذا مذهبه. وبه قال أحمد، ثم أوضح ذلك تأول الشافعي من قول ابن عمر رضي الله عنهما، فقال: وتأول قول عمر رضي الله عنه افعل ما يفعل المعتمر إنما أراد الطواف والسعي من عمل الحج لا أنها عمرة، فكان المزني بقول: لما ثبت أن الطواف والسعي من عمل الحج، فكذلك يلزمه أن يأتي بما بعدهما من أعمال الحج، وأجابه أصحابنا بأن بقية أعمال الحج من المبيت والرمي تابعةُ للوقوف فإذا سقط المبتدع سقط التابع ولهذا لم يشرع ذك في العمرةَ لأنه لا وقوف فيها بخلاف الطواف والسعي، لأنهما ليسا بتابعين، بل هما من أسباب التحلل من الإحرام، فيلزم الإتيان بهما.

وأما الدليل على وجوب الهدي عليه ما روي أن هبار بن [١٧٤/أ] الأسود أتى عمر بن الخطاب رض الله يوم النحر، فقال: أخطأت أو نسيت العدد، فما تأمرني، فقال: افعل ما يفعل المعتمر، وعليك القضاء من قابل، وما استيسر من الهدي. وروي أن ابن عمر وابن عباس وزيد ين ثابت رضي الله عنهم أنهم قالوا: من فاته الحج تحلل بطواف وسعى وعليه القضاء من قابل، وما استيسر عن الهدي، ولا مخالف لهم، وعن مالك ثلاث روايات إحداها: مثل قولنا.

بالثانية: لا قضاء عليه، وبه قال عطاء. والثالثة،: يبقى محرمًا إلى العام القابل ثم يأتي بالوقوف وأعمال الحج، وهذا غلط لما ذكرنا.

فرع

هل يجب القضاء على الفور؟ وجهان، والظاهر أنه على الفور لما ذكرنا من الأثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>