للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التطوع بالحج قبل الفرض، (١٧٨/ ب) وأما الصبي لم ينعقا إحرامه، فعليه استئناف الإحرام والوقوف بعده.

وقال مالك: يكون حجهما تطوعاً لأن من أصله أن إحرام العبد والصبي صحيح، ولكن التطوع يسبق الفرض في الحج وان كان بعد الوقوف قبل فوات وقت الوقوف بأن رجعا إلى مزدلفة، ثم كملا، فإن رجعا ووقفا أجزأهما عن حجة الإسلام، وان لم يرجعا فمذهب الشافعي أنه لا يجزئهما.

وقال ابن سريج: يجزئهما عن حجة الإسلام، لأنه إذا أحرم في حال الرق أو الصغر، ثم أعتق أو بلغ في وقت يجوز ابتداء الإحرام فيه أجزأهما عن حجة الإسلام، وكان بمنزلة الإحرام المستأنف في هذا الوقت، فكذلك الوقوف. وهذا غلط والفرق بينهما أنه مستديم الإحرام، فكانت استدامته بمنزلة ابتدائه، وليس كذلك الوقوف، فإنه في حال الحرية عن مقيم عليه، ألا ترى أنا لا نقول إنه واقف كما يقول إنه محرم، فلهذا لا يحتسب له.

وأما إذا سعى عقيب طواف القدوم، ثم بلغ أو أعتق في يوم عرفة يلزمهما إعادة السعي. وقال ابن سريج: لا يلزمهما إعادته. وهذا غلط لما ذكرنا أنه لم يأت به في وقت الفرض.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان، بنا، على الوجهين في تقدير إحرامه، فإن قلنا: إحرامه وقع موقوفاً ولا يتبين أنه انعقد فرضاً لا يلزمه إعادة السعي، وان قلنا: إحرامه انعقد فعلاً، ثم انقلب فرضاً بعد بلوغه يلزمه إعادة السعي، ولا معنى لهذا مع النص، فإذا تقرر هذا، فكل موضع، قلنا: حجهما تطوع لا يجوز عن حجة الإسلام، فلا دم عليه، لأنه أحرم بحجة (١٧٩ / أ) التطوع، ومضى على ذلك الإحرام، فلا يلزمه الدم، وكل موضع قلنا: يجزئهما عن حجة الإسلام، فهل عليهما دم؟.

اختلف أصحابنا فيه على طريقين، فقال أبو إسحاق وغيره فيهما قولان:

أحدهما: عليهما الدم لأنهما ما أحرما بالغرض من الميقات.

والثاني: لا دم لأنهما أكملا حجة الإسلام بالإحرام من الميقات، وهو اختيار القاضي أبي حامد، وهو الصحيح. وقال الإصطخري وأبو الطيب بن سلمة: لا يلزمهما الدم قولاً واحداً، وقول الشافعي: يجب الدم، أراد إذا جاوزا الميقات مريدين النسك، ثم أحرما دونه ويفارق الكافر لأن إحرامهما من الميقات صحيح، وان لم يكونا من أهل الفرض، وهو البلوغ والعتق ليس إليهما فهما فيه معذوران. وإحرام الكافر غير صحيح، وكان يمكنه أن يحقق مقصوده بالإسلام، فهو غير معذور في ذلك، فإذا أسلم بعد ذلك وحقق إحرامه بالاستئناف يلزمه الدم، لتأخيره عن الميقات من غير عذر واحتج المزني بما ذكر الشافعي في الصبي على مسألة الكافر، فقال: إذا لم يبن عنده أن على العبد والصبي دماً وهما مسلمان، فالكافر أحق أن لا يكون عليه دم، لأن إحرامه مع الكفر ليس بإحرام، والإسلام يجب ما كان قبله، وإنما وجب عليه مع الإسلام بعرفات، فكأنها منزله، قلنا: لا إحرام له، ولكن له إرادة صحيحة للحج والإسلام يجب ما قبله، ولكن نحن لا نوجب عليه الدم بشي، كان قبل الإسلام بل توجب لحج في الإسلام ترك

<<  <  ج: ص:  >  >>