ليس للسيد أن يجبر عبده على الإحرام. وقال بعض أصحابنا: للسيد أن يجبر عبده على الإحرام بالحج، وعلى العبد امتثال أمره فيه، لأن ثوابه راجع إلى السيد ذكره في "الحاوي"، وهذا غلط، لأنه لا يجبره على الصلاة والصيام، كذلك على هذا.
فرع آخر
إذا قال السيد: حللتك تحلل، فإن ألبسه مخيطاً أو ضمخه بطيب، فليس ذلك بتحليل خلافاً لأبي حنيفة.
مسألة: قال: ولو أذن له أن يتمتع، فأعطاه دماً لتمتعه لم يجز عنه، وعليه الصوم.
الدماء التي تجب على العبد في الحج تنظر، فإن (١٨١ / ب) لم تكن مما اقتضاه الإذن مثل دم الفساد والفوات وجزاء الصيد واللباس، فلا يلزم السيد، فإن قلنا: العبد إذا ملك، ملك يجوز للسيد أن يتطوع بالهدي عن العبد، ويسقط عنه الفرض، وإن قلنا: لا يملك إذا ملك، وهو الذي أجاب به ههنا، أو قلنا: يملك ولكن السيد لم يملكه، ولا أهدى عنه ففرضه الصوم، وللسيد منعه من هذا الصوم، لأنه لم يتضمنه إذنه وان كان مما يتضمنه إذن السيد مثل دم التمتع والقران، إذا أذن له في ذلك، فإن قلنا: لا بملك إذا ملك ففرضه الصوم، ولا يجوز الهدي، فإن مات العبد قبل أن يصوم، قال الشافعي ههنا: ويجزى، أن يعطي عنه ميتاً، وأراد أنه يجوز أن يهدي عنه، أو يطعم، وهذا لأنه قد أيس صومه. وقال المزني: لا يجوز ذلك، كما لا يجوز له ذلك عنه حياً، لأنه لا يملك. قلنا: الفرق ما ذكرنا، وأيضاً الإعطاء عن الميت لا يقتضي تمليكه، بل هو إسقاط الفرض عنه، فجاز بخلاف الحي وهي كالفرق بين الحج عن الميت، يجوز من غير إذنه ولا يجوز عن الحي من دون الإذن وأيد الشافعي هذا بالخبر، فقال: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر سعداً أن يتصدق عن أمه بعد موتها، وأراد به ما روي أن سعداً قال: يا رسول الله إن أمي افتلتت، أي: ماتت فجأة، ولو قدرت لأوجبت، فهل ترى أن أتصدق عنها؟ فقال:"نعم"، وإن قلنا: العبد يملك نمق الشافعي في "القديم" على قولين:
أحدهما: أن هذا الدم يكون في مال السيد، لأنه لما أذن له في التمتع كان تحملاً للهدي كالإذن في النكاح باكتساب المهر والنفقة (١٨٢ / أ).
والثاني: لا يجب في ماله بل يكون فرضه الصوم، لأنه ينفك ذلك عن وجوب المال، بأن يكون الفرض الصوم، فافترقا، وله أن يصوم من غير إذن السيد، لأنه لزمه بسبب تضمنه إذنه ولو عتق هذا العبد قبل أن يصوم عن متعته، فأراد أن يريق دماً، له