حج كان الحج عن الفاعل، وثوابه له، ويحصل للمستأجر ثواب النفقة. وبه قال أحمد ومالك قال مالك: والدليل عليه أن هذا عمل يدخله النيابة، فجاز أخذ الأجرة عليه كتفريق الزكاة.
فرع
هل من شرطها أن يبين موضع الإحرام في العقد؟ اختلف أصحابنا فيه على طرق. وقال أبو إسحاق وغيره: فيه قولان [١٨٣ / أ]:
أحدهما: لا يصخ إلا بأن يبين موضع الإحرام، لأن الإحرام يجوز من كل موضع، فتكون الإجارة مجهولة، فلا بد من البيان، وهو الذي نص عليه ها هنا.
والثاني: قاله في "الإملاء": يصح مطلقاً، لأنه مبين بالشرع، وهو الميقات، فيحمل عليه كموضع الوقوف، والطواف والسعي وكالثمن في البيع والسير في الإجازة يحمل على العرف ويصح العقد مطلقاً به. ومن أصحابنا من قال: المسألة على اختلاف حالين، فالموضع الذي قال يحتاج أن يبين أراد إذا كان منزله بين ميقاتين يصلح أن يكون كل واحد منهما ميقاته، والموضع الذي قال: لا يحتاج إلى بيانه إذا كان ميقات بلاه معروفاً، وهذا لا يحتمل كلام الشافعي، لأنه لما قال: لا يجوز حتى يبين من العلة التي ذكرناها.
ومن أصحابنا من قال: المسألة على اختلاف حالين من وجه آخر، فإن كان المحجوج عنه ميتاً لا يشترط ثباته، لأنه لا اختيار له، ولا يتوصل إلى عرضه، وان كان المحجوج عنه حياً شرط لاختلاف عرضه. وله اختيار يتوصل إليه، فإذا قلنا: لا يشترط ذلك، فإن عين موضعاً، إما الميقات أو قبله صحت الإجارة، وتعين ذلك، وان أطلق يلزمه الإحرام من الميقات، فإن أحرم قبلها استحق المسمى، ولا يستحق شيئاً أخر للزيادة، وإذا قلنا: يشترط، فإن عين موضعاً صحت الإجازة، ويلزمه الإحرام، وان لم يعين بطلت الإجازة إلا أن الأجير إن حج عن المستأجر أجزأ ذلك الحج عنه، لأنه قد أذن له فيه، وان كان العقد فاسداً كما لو وكل في بيع شيء وكالة فاسدة، فباع صح، [١٨٣ / ب] ولا يستحق الأجير الأجرة المسماة لأن المنى يستحق بالعقد الصحيح دون الفاسد، فيلزم أجر المثل.
مسألة: قال: وان وقت (له) وقتاً فأحرم قبله، فقد زاده خيراً.
الفصل
إذا عين الأجير موضعاً يحرم منه، فأحرم قبله، فقد زاده خيراً، وان أحرم من ذلك الموضع فقد وفى بموجب العقد، وأجزأه وان جاوزه وأحرم دونه، فإن رجع إليه محرماً ومضى في حجه فقد زاده خيراً، وان مضى على وجهه، ولم يرجع إلى الموضع الذي