أحدهما: يجوز للمحل أن يبني عليه ذكره في ((القديم اا، لأن فعل الحج يجوز من اثنين، ألا ترى أن الولي إذا أحرم عن الصغير، ثم صار الصبي مميزاً في وقت الحج، وأمكنه الطواف بالوقوف والرمي بنفسه لزمه أن يتولى ذلك بنفسه؟ فيكون الإحرام من الولي وسائر الأعمال من الصبي.
وقال في "الجديد": لا يجوز، وهو الصحيح، لأنه عبادة على البدن، فلا يجوز للغير أن يبني فيها على فعل الغير كالصوم والصلاة، ولأنه لو جاز هذا، جاز أن يستأجر في الابتداء اثنين يفعلان الحج عنه، فإن قيل: أليس لو وضاه نفسان أو توضأ بعض الوضوء، ثم أكمله غيره يجوز؟ قلنا: هذا لا يكون بنا، على فعل الغير، لأنه هو المتطهر دون الموضئ، وإنما هو معين له عليه، فلم يكن ذلك بناء وليس كذلك الأجير، فإنه إذا أحرم عن غيره، فهو المحرم، فإذا جاء حلال ليبني عليه احتاج إلى إحرام مستأنف، فيصير محرماً به، فيكون قد بنى فعل غيره، فإذا قلنا بقوله الجديد نظر في الإجارة، فإن كانت معينه بفعله بطلت الإجارة ورد الأجرة على ما ذكرنا، وان كانت في الذمة، فإن كان وقت الحج باقياً كأن مات قبل فوات وقت الوقوف استأجر ورثته من يحج في هذه السنة عن المستأجر، فإن أحرم هذا الثاني من حيث بلغ المورث وجب الدم لترك الميقات، وهل يرد من الأجرة بقدره؟ قد بينا، وان رجع إلى الميقات سقط الدم، وان كان قد فات وقت الوقوفء فمان الحج يتأخر إلى السنة الثانية، فإن اختار المستأجر فخ الإجارة لتأخرها عنه جاز. وان اختار إقرارها استأجر عنه في السنة الثانية من يحج من مال المورث [١٩٠ / أ] جاز، وهذا إذا كان الحج عن حي، فإن كان الحج عن ميت لا يجوز للوصي أن يفسخ الإجارة على ما بينا.
وإذا قلنا بقوله القديم، فإن كانت الإجارة معينة بطلت الإجارة، فإن كان قبل فوات الوقوف يستأجر الآمر من يحرم عنه، ويبني على ما مضى من أعماله، وهذا الثاني يحرم مكانه، ويقف، ولا يجب الدم بترك الميقات، لأنه بنى على إحرام أتى به من الميقات، وسقوط الدم مهنا هو الفرق من القولين، فإن في القول الأول، يجب الدم على ما ذكرنا، وان مات بعد الوقوف، فالمستأجر يستأجر من يكمل الحج على ما يأتي بيانه، وان كانت الإجارة في الذمة، فإن ورثة الأجير يتمون النسك، فإن كان مات قبل الوقوف استأجروا من يحرم، ويقف ويتم الحج، أو يفعله الوارث بنفسه، وان كان بعد الوقوف، فكذلك إن كان وقت الوقوف باقياً، إلا أنه يحرم عنه بالحج، ولا يقف ويأتي بالباقي.
وقال أبو إسحاق: يحرم الثاني بالعمرة، ويأتي بالطواف والسعي، ولا يأتي بالرمي، لأنه ليس في العمرة رمي ويريق عن الرمي والمبيت دماً، لأن الدم ينوب عنهما، وهذا لأنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره. وقال الشيخ أبو حامد: والوجه الأول الذي ذكره أصحابنا ضعيف من هذا الوجه، وهو أن إحرام الحج لا يجوز في غير أشهره. وما قاله أبو إسحاق أفسد، لأنه يأتي بطواف العمرة، ويقع عن الحج.