والثاني: أن يحرم بعمرة مفردة فيقع عن الأمر، ثم بأن لم يأت بالحج فرداً يلزمه رد ما قابله من الأجرة، وان أتى به سقط النسكان ثم يعتبر موضع إحرامه بالحج على ما ذكرنا وذلك على قولين ويلزم دم آخر لتمتعه. فإن قيل: فدم المتعة وجب لترك الإحرام بالحج من الميقات فمعنى وجوبها مختلف؛ لأن أحدهما وجب بالعقد والثاني بالشرع، فإذا ثبت وجوب الدمين فدم وجوب المجاوزة واجب على الأجير. وأما دم المتعة قال أكثر أصحابنا: يلزم المستأجر بدلاً من دم القران؟ لأنه أذن له في نسكين موجبهما دم وقد فعل، فهو كما لو قرن. وقال بعض أصحابنا: فيه وجهان؛ أحدهما: هذا. والثاني: لزم الأجير لأنه لم يأذن في التمتع فلا يلزمه موجبه. ذكره في "الحاوي" ولو عاد إلى الميقات وأحرم منه بالحج فلا دم على أحد؛ لأن دم التمتع كتركه الإحرام بالحج من الميقات ولم يترك.
وأما القسم الرابع من الأصل: أن يأمره بالتمتع فأحرم بغير ففيه ثلاث أقسام:
أحدهما: أن يحرم بحجة مفردة على ما ذكرنا عن الآمر، وبقى النسك الثاني فإن أتى به سقط عنه أيضاً ثم ينظر فإن أحرم به من الميقات فقد أكمل وان أحرم به من أدنى [١٩٣ / ب] الحل فقد كان يلزمه بالإجارة أن يحرم به من الميقات فترك، وكان يجوز له أن يحرم من جوف مكة فأحرم به من الميقات فتطوع بالزيادة فيلزمه دم العمرة وهل يرد بقسطه من الأجرة؟ على ما مضى. وإن لم يأت بالعمرة يرد بقطها من الأجرة فيسقط الأجرة على الحج، والعمرة على الحج الذي أتى به، فيقال: عمرة من الميقات وحجة من نسكه بكم؟ فيقال: بمائة، ويقال: حجة بمكة بكم؟ فيقال: بخمسين فيستحق نصف الأجرة ولا تسقط الأجرة على حجة من الميقات لأنه متطوع بزيادة الإحرام من الميقات بالحج إلى مكة فلا تستحق لأجله الأجرة. فإن قيل: أفيلزمه أن يحرم بالعمرة؟ قيل: يلزمه ذلك لأنه استؤجر على عملين فعمل أحدهما، إلا أنه كان عن ميت فلا خيار لمستأجره، وان كان عن حي كان مستأجره بالخيار على ما سبق نظيره.
والثاني: أن يأمره بالتمتع فأحرم بعمرة مفردة فالعمرة عن الآمر وبقي الآخر، فإن أتى أو لم يأت كان على ما مضى.
والثالث: أن يستأجره ليتمتع فقرن فيقع كلاهما عن الآمر ولكن يلزمه دم لأجل ما ترك من العمل في إفرادهما ولو أنه طاف لهما طوافين وسعى سعيين لا يسقط ادم عنه أيضاً؛ لأنه قد كان يجزئه أحدهما فصار متطوعاً بالثاني، على أنه قد ترفه بسقوط أحد الإحرامين فكان عليه أن يجبر ذلك بدم، وهل يرد من الأجرة بقسطه؟ على الخلاف وعليه دم القران، فيجب بقرانه دمان:
أحدهما: بترك العمل في إفرادهما، وهو واجب على الأجير.