وأما الكفارة، فالجزاء يفارقها، لأنه يجري مجرى الغرامات، [٢٠٧ / أ] به يى أنه يلزم باليد بخلاف الكفارة، فإذا تقرر هذا، فإذا جرح صيداً يقوم وهو صحيح، ثم يقوم وهو مجروح، فينظر كم نقص من قيمته، فإذا نقص عشر قيمته، قال الشافعي: عليه عشر ثمن شاة.
وقال المزني: عليه عثر شاة، فيدفع إلى المساكين ذلك مشاعاً واختلف أصحابنا في هذا، من قال: الأمر على ما قال الشافعي، لأنه نقص مضمون فكان بالقيمة كما لو غصب طعاماً فتلف أو سوس في يده، ولأن مراعاة الخلقة في الأبعاض متعددة، ولو اعتبرنا ذلك يلزمنا مقابلة الرجل بالرجل، إذا كانت الجناية على الرجل ومقابلة اليد باليد، وهذا محال، وهذا كالعدول في زكاة خمس من الإبل عن الجنس إلى الشاة للمشقة، فعلى هذا يتخير بين أربعة أشياء بين أن يشتري عشر الشاة، كما قال المزني، وبين أن يشتري به طعاماً، ويتصدق بهء وبين أن يصوم عن كل مد يوماً.
وقال صاحب "التقريب": هذا لا يصح، لأنه لو كان كذلك لأوجب عشر ثمن الظبي لا عشر ثمن الشاة. والصحيح ما قال المزني، لأنه إذا أوجب المثل في تمامه وجب المثل في أبعاضه غير أن جزاء الصيد على التخيير.
قال الشافعي: ذكر الأسهل، وهو القيمة إذ في إخراج جز، من الحيوان مشقة، ولعله لا يجد شريكاً يساعده فيه. والمزني بين ما هو الأمل، فلا اختلاف بينهما، وعلى هذا لا يؤدي القيمة، بل يصرف إلى الطعام، فيتصدق به، وإن وجد عشر شاة، فله أن يتصدق به.
ومن أصحابنا من قال: المذهب ما ذكر الشافعي، ولكنه بالخيار بين شيئين بين أن يخرج بعشر ثمنه طعاماً، فيتصدق به أو يصوم عن كل مد يوماً، ولو أخرج عشر شاة أو عشر قيمة الشاة، لا يجوز، وهذا اختيار أبي إسحاق وجماعة، فإذا تقرر هذا لا يخلو إذا جرح صيداً من ثلاث أحوال: إما [٢٠٧ / ب] أن يري إلى نفسه فيموت، أو يندمل، أو يعيب الصيد، ولا يدري، هل سرت الجراحة إلى نفه أم لا؟ فإن سرت إلى نفسه، فعليه جزاؤه بلا إشكال كما لو قتله وان اندمل نظر، فإن كان غير متنح برجله كالغزال، أو يجناحيه كالحمام أو بهما كالتذرح والدراج فكسر ساقه وجناحيه، فعليه جزاء كامل، لأنه قد عطله أو جعله في حكم التالف، نص عليه في "الجامع الكبير"، وبه قال أبو حنيفة. وفيه قول آخر يلزمه ما نقص فقط، لأنه لا يضمن الموجود، وإنما يضمن الغائب، ولو جاء محرم آخر وأبلغه يلزمه الجزاء على الجارح، وان اندمل ممتنعاً، فعليه ما بين قيمته صحيحاً، وبين قيمته مندملاً.
وأما الذي يجب على ما ذكرنا من الخلاف وان اندمل ولم يبق بعض بوجه، هل عليه أرش الجرح؟ وجهان، كما لو جرح آدمياً، فاندمل، ولم يبق شيء، ففي الحكومة وجهان.