للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

قد (ذكرنا) أن جزاء الصيد على التخيير، وبه قال كافة الفقهاء، وروي عن ابن عباس والحسن وابن سيرين وزفر وأحمد في رواية أنه على الترتيب، لأن هدي المتعة على الترتيب، وهذا أكد منه لأنه يجب بفعل محظور، وهذا غلط، لأن الله تعالى قال: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} [المائدة: ٩٥]، ولفظه أو إذا دخلت في الأمر كان للتخيير كما في فدية الأدنى، وأما ما ذكره يبطل فدية الحلاق، وروي عن أحمد أنه قال. لا يخرج الطعام، وإنما التقويم بالطعام لأجل الصيام، وهذا غلط، لأن الله تعالى سمى الإطعام كفارة، ولا يصير كفارة إلا بإخراجه، وإذا أراد تقويم المثل فيقومه حال ما يريا الاشتغال عنه إلى القيمة، فينظر كم قيمته في تلك الحالة) فيشتري بها [٢١٠ / أ] الطعام، ولا يعتبر قيمته حال إتلاف الصيد بلا خلاف، لأنه لما قتل الصيد وجب المثل في ذمته، فإذا أراد العدول عنه يعتبر القيمة حالة العدول لأنها في التقدير حالة وجوب القيمة ويقوم بسعر مكة سواء قتل الصيد بمكة أو في الحل، لأنه يجب إخراج الجزاء فيه وإن لم يكن له مثل هل يعتبر قيمته حالة الوجوب أم حالة الإخراج للطعام؟ قال في موضع: يعتبر حالة الإتلاف، وقال في موضع: يعتبر حالة الإخراج، فمن أصحابنا من قال: يعتبر حالة الإتلاف قولاً واحداً، والموضع الذي قال: يعتبر حالة الإخراج، أواد في الصيد الذي مثل.

ومن أصحابنا من قال: فيه قولان:

أحدهما: الاعتبار بحالة الإخراج، لأنها حالة إسقاط الفرض.

والثاني: تعتبر بحالة الإتلاف، لأنها حالة الوجوب، وهو الصحيح. والفرق بينه وبين الصيد الذي له مثل أن الواجب ههنا القيمة، وحالة وجوب القيمة حالة الإتلاف، فاعتبرنا القيمة في تلك الحالة وهناك الواجب المثل، واستقر في ذمته عند الإتلاف، فإذا أراد الانتقال إلى القيمة يعتبر في تلك الحالة على ما بيناه، ويعتبر القيمة ههنا في موضع الإتلاف نص عليه في "الأم" في باب جزاء الطائر وذكره في "القديم" وفي موضع من "الإملاء"، وهو الصحيح، لأنه لما وجب اعتبار قيمته وقت القتل دون وقت التكفير كذلك تعتبر قيمته في موضع القتل دون موضع التكفير. وقال في "الإملاء": عليه قيمته بمكة لأنها وجبت لمساكين الحرم، وهو ضعيف.

مسألة: قال: لا يجزئه أن يتصدق بشيء من الجزاء إلا بمكة.

قد ذكرنا أن كل دم تعلق بالإحرام يجب تفريق لحمه على مساكين الحرم، وأن قوله: مكة ومنى، [٢١٠ / ب] ولم يذكو سائر الحرم ليس لتخصيص هذين الموضعين بهذا الحكم من جملة بقاع الحرم، وإنما خرج كلامه على العادة الجارية في تفريق اللحم، فإن عادة السلف تفرقته بمنى إذا كان الذبح بمنى وبمكة إذا كان الذبح بالمروة،

<<  <  ج: ص:  >  >>