واحتجوا بأن هذه كفارة يدخلها الصوم ككفارة قتل الآدمي، وهذا غلط، لأن المقتول واحد، فيلزم بقتله جزاء واحد كما لو اشتركوا في قتل صيد الحرم يلزمهم جزاء واحد بالاتفاق.
وروي أن موالي لابن الزبير أحرموا فمرت بهم ضبع فحذفوها بعصيهم، فأصابوها، فأتوا ابن عمر رضي الله عنه، فذكروا ذلك له، فقال: عليكم كبش، فقالوا: على كل واحد منا كبش [٢١٧/ ب]، فقال: إنكم لمعزرتكم، أي: مشدد عليكم أن ألزم كل واحد منكم كبشًا عليكم جميعًا كبش، وأما كفارة قتل الآدمي. قال صاحب "الإفصاح": قال الشافعي في كتاب "الشاهد واليمين": يلزمه كفارة واحدة والمشهور أنه يلزم على كل واحد منهم كفارة كاملة. والفرق أن ذلك كفارة لا يختلف باختلاف المقتول من الصغير والكبير ولا ينقص، وهذا يشبه الغرامة من جهة البعض والاختلاف بالصغر والكبر، فيلزمهم واحد وعلى هذا المحل والمحرم إذا اشتركا في قتل صيد في الحل يلزم على المحرم نصف الجزاء، ولا شيء على المحل وعند أبي حنيفة يلزمه كل الجزاء.
مسألة: قال: وما قتل من الصيد لإنسان، فعليه جزاؤه للمساكين وقيمته لصاحبه. قصد به الرد على مالك حيث قال: إذا قتل صيدًا مملوكا تلزمه القيمة لصاحبه ولا جزاء فيه بحال لأنه بملكه، خرج عن الصيد الوحشي إلى حكم الإنسي. وبه قال المزني في "المنثور" وأصحاب مالك الآن ينكرون هذا من مذهبه، والدليل على ما ذكرنا أنه كفارة تجب بقتل الحيوان الذي ليس بمملوك، فجاز أن يجب بالمملوك ككفارة قتل للآدمي، ولأن الجزاء والقيمة حقان لمستحقين، فجاز اجتماعهما، واحتج الشافعي بأن قال: لو جاز إذا تحولت حال الصيد عن التوحش إلى الاستئناس أن يصير حكمه حكم الأنفس جاز أن يضحي به ويجزي به ما قتل من الصيد، أي: يجعله جزاء إذا قتل وحشيًا مثله، ويجوز أن يقال: إذا توحش الإنسي من البقر والإبل أن يكون صيدًا في الحكم يجزئه المحرم، ولا يضحي به، وكل على أصله، أي: لا يتغير [٢١٨ /أ] حكم الوحشي بالاستئناسء ولا حكم الإنسي بالتوحش.
مسألة: قال: وما أصاب من الصيد فداه إلى أن يخرج من إحرامه.
قصد به بيان الإحلال الذي يبيح له قتل الصيد بلا جزاء وفسر خروجه من العمرة على القول المشهور أن الحِلاق من النسك، وكذلك الخروج من الحج ذكر على القول المشهور، وأفتى على ظاهر مذهبه أن قتل الصيد يحل بالخروج الأول من الحج وقد شرحنا ذلك وههنا إشكال وذلك أنه أجاب على أن الحلاق من النسك، ثم ذكر أن للعمرة خروجًا واحدًا، وللحج خروجين، وعلى هذا القول للعمرة خروجان أيضًا، فالأول، بالطواف والسعي. والثاني، بالحلاق، فلو وطئ قبل الحلاق لا تفسد عمرته،