وكذلك إذا تلف يجب عليه البدل. والفصل بين هذا والذي قبله أن هناك لم يكن في ذقته شيء نقله إلى العين، بل نذر هدي شيء بعينه، فيتعلق به حق المساكين وحده، ولا يلزمه الضمان إذا تلف، وههنا في ذمته سليم، فإذا نقله إلى عين كان بشرط السلامة.
ومن أصحابنا من قال: لا يعود بالعيب إلى ملكه كما لو ضل فيخرج هذا المعيب والذي في ذمته أيضًا، وهذا ضعيف. وبه قال أحمد، فإذا تقرر هذا فإن نتجت هذه، وعاد الأصل إلى ملكه بالعيب، هل يعود الفصيل إلى ملكه. قال القاضي الطبري: يجب أن يعود الفصيل أيضًا إلى ملكه، ولا يلزمه ذبحه.
ومن أصحابنا من قال: ظاهر المذهب أنه يلزمه ذبحه ويكون للفقراء كما يقول في ولد [٢٤٤/ب] المبيعة إذا ماتت أمها في يد البائع يبطل البيع فيها، ويبقى الولد للمشتري. وكذلك لا يبطل التدبير في ولد المدبرة يتلف الأم، ومن أصحابنا من قال هل يتبعها الولد ههنا؟ وجهان:
أحدهما: يتبعها.
والثاني: لا يتبعها لأنه حدث في ملك المساكين ويكون للمهدي، لأن ملك المساكين لم يستقر عليها، ولهذا لو تلف أو غاب كان عليه البدل.
فَزعٌ أخرُ
إذا قلنا: يعود إلى ملكه بعدما غابت لا يجوز له التصرف فيها بالأكل والبيع والهبة وغيرها.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: يجوز الأكل منها، وهل له أن يبيعها؟ وجهان:
أحدهما: له ذلك.
والثاني: لا يجوز البيع، لأنه كان قد تقرب به.
فَزعٌ أخرُ
لو غاب بعدما وصل إلى الحرم. قال ابن الحداد في فروعه: أجزأه لأنه بلغ محله. وقال سائر أصحابنا: لا يجزئه، وهو الصحيح، لأنه عاب قبل وموله إلى مستحقه كما لو غاب قبل ذلك، وما ذكره لا يصحّ، لأنه لم يسقط عنه الفرض بوصوله إلى الحرم، وعلى قول ابن الحداد لو مات أو سرق بعد وصوله إلى الحرم أجزأه أيضًا.
فَزعٌ أخرُ
لو ضل هذا الهدي وجب عليه إخراج ما في ذمته. قال الشافعي: ويصير إلى أخر أيام التشريق، فإن لم يجد ذبح أخر مكانه، فإن وجده بعد ذلك ذبحه أيضًا، فمن أصحابنا من قال: يجب ذبحه، وبان بالوجود أن الواجب هذا، ويفارق هذا إذا غاب حيث قلنا: يعود إلى ملكه [٢٤٥/أ]، لأن بالعيب خرج عن صفة الإجزاء وبالضلال لم يخرج عن حدّ الإجزاء، فلم يزل ملك الفقراء عنه، ولا يعود إلى ملكه، وعلى هذا قال