لو نذر أن يهدي شيئاّ من العقار باع وأوصل ثمنه إليهم، ولو نذر أن يهدي شيئاً لحمله مؤنة، هل تلزمه مؤنته؟ نظر فإن قال: جعلت في هذا هدياً، لم يلزمه مؤنته بل مؤنة حمله منها، فيباع بعضها وينفق على الباقي ليصل، وإن قال: لله عليّ أن أهدي بهذا، فالمؤنة عليه. ذكره أصحابنا بخراسان.
فَرْعٌ آخرُ
يستحب إذا فرع من حجّه أن يزور قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي". وروي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من زار قبري وجبت له الجنة". وروي:"وجبت له شفاعتي"، ويستحب أن يصلي في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا تعال ألف صلاة في غيره من المساجد" ذكره أصحابنا، وحكى العيني في هذا حكاية حسنة [٢٥١/أ]، قال: كنت عنه قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي وقال: السلام عليك يا رسول الله، ثم قال: سمعت الله تعالى يقول: {ومَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ بِإذْنِ اللَّهِ ولَوْ أَنَّهُمْ إذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}[النساء: ٦٤] وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ثم أنشأ يقول:
يا خَيرَ من دُفِنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
قال: ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيناي فنمت، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، فقال: يا عيني الحق الرجل، وأخبره أن الله عزّ وجلّ قد غفر له.
وهذا آخر ربع العبادات والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين.