وفي قوله تعالى: {إلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وأَنتُمْ حُرُمٌ} [المائدة:١] يريد به جميع الوحش من صيد البر يحرم في الحرم، والإحرام، وفي قوله تعالى: {وأَنتُمْ حُرُمٌ} تأويلان:
أحدهما: في الحرم، وهو قول ابن عباس.
والثاني: في الإحرام، وهو قول أبي صالح {إنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} تأويلان:
أحدهما: يقضي ما يريد عفو وانتقام.
والثاني: يأمر بما يريد من تحليل وتحريم، وهذه أعم آية في إباحة الأنعام والصيد في حالي تحليل وتحريم.
وقال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ} [المائدة:٩٦] يعني ما عاش فيه من سمكه وحيتانه وطعامه {مَتَاعًا لَّكُمْ ولِلسَّيَّارَةِ} فيه تأويلان:
أحدهما: مملوحة.
والثانية: طافية.
{وحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:٩٦] فدل على إباحته لغير المحرم، كما قال تعالى: {وإذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة:٢] وهذا وان كان أمراً، وهو بعد حظر فدل على الإباحة دون الوجوب.
وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ومَا عَلَّمْتُم مِّنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة:٤] وفي مراده بالطيبات تأويلان:
أحدهما: ما استطبتموه من اللحمان سوى ما خص بالتحريم.
والثاني: أنه أراد بالطيبات الحلال، سماه طيباً، وان لم يكن مستلذاً تشبيهاً بما يستلذ لأنه في الدين مستلذ.
{ومَا عَلَّمْتُم مِّنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة:٤] يعني: وصيد ما علمتم من الجوارح،
فأضمره، لدلالة المظهر عليه.
والجوارح: ما صيد به من سباع البهائم، والطير، وفي تسميتها بالجوارح تأويلان:
أحدهما: لأنها تجرح ما صادت في الغالب.
والثاني: لكسب أهلها بها من قولهم: "فلان جارحة أهله" أي: كاسبهم.
قال الله تعالى: {ويَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ} [الأنعام:٦٠] أي كسبتم.
وفي قوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ} تأويلان:
أحدهما: أنها الكلاب وحدها ولا يحل صيد غيرها، وهذا قول ابن عمر والضحاك والسدي.
والثاني: أن التكليب من صفات الجوارح من كلب وغيره وفيه تأويلان: