يمُّكُنّ ذلِك في الطّيْرِ فهُما مُختلِفانِ فيُؤكِّلُ ما قِتلُ البازيِ وإنّ أكُلّ ولا يُؤكِّلُ ما قِتلُ الكلِبِ إذاً أكُلّ لِنهي النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلِك".
قال في الحاوي: إذا أرسل الجارح المعلم على صيد، فقتله، ولم يأكل منه حل أكله؟ لقوله الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}.
وإن أكل الجارح من الصيد الذي قتله، ففي إباحة أكله قولان سواء كان من كواسب البهائم أو كواسر الطير:
أحدهما: وهو قوله في القديم - يحل أكله.
وبه قال من الصحابة عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي.
ومن الفقهاء مالك، وأبو ثور، وداود.
والقول الثاني: وبه قال في الجديد: لا يحل أكله.
وبه قال من الصحابة عبد الله بن عباس، وأبو هريرة.
ومن الفقهاء أهل العراق.
وقال أبو حنيفة، والمزني وهو مذهب الشعبي والنخعي أن ما كان من كواسب البهائم لم يحل أكله، وان كان من كواسر الطير يعلم بالأكل ولا فرق بينهما عند الشافعي على القولين: لأمرين:
أحدهما: أن البازي يعلم بالأكل في مبادئ التعليم، وبالامتناع من الأكل عن استكماله، ولو كان تعليمه بالأكل في الحالين، لما صحّ تعليمه إذا امتنع من الأكل، ولكان أكل منه شرطاً في إرادة أكله، وهذا مدفوع.
والثاني: أنه يعلم بالأكل من يد معلمه، ولا يعلم من أكل ما صاده وإذا لم يكن بينهما فرق على القولين، فإن قيل بقوله في القديم أنه يحل أن يؤكل ما أكل منه، في ليله حديث أبي ثعلبة الخشني.
روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً أتى رسول - صلى الله عليه وسلم - يقال له أبو ثعلبة، فقال: يا رسول الله إن لي كلاباً مكلبة فأفتني في صيدها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن كانت الكلاب مكلبة، فكل مما أمسكن عليك.
قال: ذكي، وغير ذكي؟ قال: ذكي وعير ذكي. قال: وإن أكل منه؟ فقال: وان أكل منه".
وروى أبو إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أرسلت كلبك المكلب، وذكرت اسم الله عليه فكل، وإن أكل منه" فهذا نص.