للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محتمل يتردد بين حدوث وقدم، كالشاهدين إذا نفذ الحكم بشهادتهما، ثم حدث فسقهما لم يجز أن ينتقض به الحكم المتقدم؛ لجواز تردده بين حدوث وقدم؛ ولأن تركه الأكل شرط في التعليم كما أن استرساله إذا أرسل شرط فيه، ثم ثبت أنه صار يسترسل إن لم يرسل ولا يسترسل إن أرسل لم يدلّ على تحريمه ما تقدم من صيده، وإن كان غير معلم فيه، كذلك حدوث الأكل.

وبتحرير هذه الأدلة تكون الأجوبة عما قدموه من الدليل.

فإن قيل: فإذا تعارض ما يوجب الحظر والإباحة، يغلب حكم الحظر على الإباحة.

قيل: قد اختلفت أصحابنا فيه، فمنهم من سوى بينهما واعتبر ترجح أحدهما بدليل.

ومنهم من غلب الحظر، وهو قول الأكثرين، لكن يكون هذا فيما امتزج فيه حظر وإباحة. فأما ما لم يمتزج فيه الحظر والإباحة، فلا يوجب تغليب الحظر على الإباحة، كالأواني إذا كان بعضها بخساً، وبعضها طاهراً لم تمنع من الاجتهاد في الظاهر، وها هنا قد تميزت الإباحة في المتقدم على الحظر، في المستأجر، فلم يجز تغليب أحدهم على الآخر، وأثبت كل واحد من الحكمين في محله.

فصل:

وإذا ولغ الكلب في دم الصيد لم يحرم وحرمه النخعي، وأجراه مجرى الأكل، وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: أن الدم خارج من الإباحة، فلم يعتقد منه التحريم كالفرث.

والثاني: أنه منفصل، فلم يوجد منه حكم متصل، والله أعلم.

مسألة:

قالُ الشّافِعيِ رحمهُ اللهُ تعالى:" وذا أرِسل أحببتُ لهُ أن يُسمّيَ اللهُ تعالى فإنّ نسيّ فلا بأس لان المُسلِمُ يُذبِّحُ على اِسمِ الله ".

قال في الحاوي: التسمية على الصيد والذبيحة سُنَّة، وليست بواجبة، فإن تركها عامداً أو ناسياً، حل أكله.

وبه قال من الصحابة عبا الله بن عباس، وأبو هريرة.

ومن الفقهاء عطاء، ومالك.

وقال الشعبي، وداود، وأبو ثور: التسمية واجبة، فإن تركها عامداً أو ناسياً حرم الأكل.

وقال سفيان الثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه، وإسحاق بن راهويه: تجب مع الذكر، تسقط مع النسيان، فإن تركها عامداً حرم، وان تركها ناسياً حلّ؛ استدلالاً بقول

<<  <  ج: ص:  >  >>