قال في الحاوي: وجملته أنه إذا افترس سبع أو ذئب شاة أو بعيراً ثم أقلع وفي الشاة حياة، فذبحت لم تخل حياتها من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون جرح الافتراس يجوز أن يبرأ، والحياة التي فيها يجوز أن تبقى، فذبحها على هذه الحال، فإن ذكاته تبيح أكلها، وهو متفق عليه لقول الله تعالى:{وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة:٣].
والحال الثانية: أن يكون الجرح لا يجوز أن تبقى كقطع رأسها، أو إخراج حشوتها ولم يبق فيها، إلا حركة المذبوح فلا يؤثر ذبحها، ولا يحل أكلها؛ لخروج أكثر الروح بجرح السبع دون الذبح، وهو متفق عليه.
والحال الثالثة: أن يكون جرح السبع لا يجوز أن يبرأ والحياة معه قليلة البقاء، مثله أن يقطع منها ما لا يحيا معه، كالمعا، لكن الروح فيها باقية، تعيش بها ساعة أو بعض يوم، فيكون ذبحها على هذه الحال ذكاة يحل بها أكلها كالحالة الأولى، وهذا مما لم يختلف فيه قول الشافعي، وإنما أشكل على المزني فجمع بين الحالتين، وتصور أن ذلك على قولين وليس كما توهم، وإنما هو على اختلاف حالين.
وقد روى سليمان بن يسار عن زيا بن ثابت قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شاة أخذها الذئب فأدركت، وبها حياة، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأكلها.
وقد جرح عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جرحين قطعا معاه، فسقاه الطبيب لبناً خرج منه، فقال له: اعهد، فإنك ميت فعهد ووصى، وأمر ونهى، فأجرى المسلمون عليه حكم الحياة في جميع ما كان من قوله وفعله، فدل على أن ما انتهى إلى حاله من الحيوان كان في حكم الحياة، وإباحة الذكاة فلو وقع الشك في ذبح الشاة هل كان في حال