انفصلت حتى تقطعت وتغير لون لحمها، ففي إباحة أكلها وجهان: أ~~: يحل أكلها كما يحل لو تقطعت بغير صيدها وتغيرت.
والثاني: يحرم أكلها؛ لأنها قد صارت في حكم الرجيع والفيء، وهكذا أكل ما في بطون السمك من غذائه على هذين الوجهين.
فصل:
وأما الحرام، وهو الضفدع، وحيات الماء، وعقاربه، وجميع ما فيه من ذوات السموم الضارة، وما يفضي إلى موت أو سقم، فلا يحلّ أن يؤكل بحال؛ لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه نهى عن قتل الضفدع"، وقيل: إنه خرج على سبب، وهو أن طبيباً وصف عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دواء فيه لحم الضفدع، فنهى عن قتل الضفدع" وقيل: هو سم.
واختلف أصحابنا بعد اتفاقهم على تحريمه هي: ينجس بعد موته على وجهين:
أحدهما: أنه طاهر لا ينجس بالموت؛ لأن حيوان الماء موته وحياته سواء.
والثاني: أنه نجس إذا مات لأنه لما شابه حيوان البر في التحريم شابهه في التنجيس، فعلى هذا هل ينجس به الماء القليل أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: يتنجس به كما ينجس بسائر الأنجاس.
والثاني: لا ينجس به للحوق المشقة في التحرز، فصار عضواً كدم البراغيث.
فصل:
وأما المختلف فيه، فهو ما أشبه حيوان البر من دواب الماء من الفأر والكلاب والخنازير، وقيل: إنه ليس في البر حيوان إلا وفي البحر مثله، فاختلف الفقهاء في إباحة أكله على ثلاثة مذاهب:
أحدها: هو الظاهر من مذهب الشافعي أن جميعه حلال مأكول، يستوي فيه ما أشبه مباحات البر ومحرماته من كلابه وخنازير، وقد قال في كتاب السلم: يؤكل فأر الماء.
وقال الربيع: سئل الشافعي عن خنزير الماء فقال: يؤكل، ولما دخل العراق سئل عن اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في أكل هذا، وهذا حرمه أبو حنيفة، وأحلّه ابن أبي ليلى، فقال: أنا على رأي ابن أبي ليلى، يعني في إباحته. وبه قال من الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن عباس أبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة رفي الله عنهم.
وفي التابعين: الحس البصري.
وفي الفقهاء: مالك، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، والليث بن سعد، وهو قول الجمهور من أصحاب الشافعي، حكى ابن أبي هريرة عن أبي علي ابن خيران أن أكارا له صاد له كلب ماء، وحمله إليه، فأكله، وكان طعمه موافقاً لطعم الحوت لا يغادر منه شيئاً.