أحدهما: معقولة قاله مجاهد.
والثاني: مصطفة، قاله ابن عيسى وقرأ الحسن البصري "صوافي" أي: خالصة لله، مأخوذ من الصفوة، وقرأ ابن مسعود: "صوافن" أي مصفونة، وهو أن تعقل إحدى يديها حتى تقف على ثلاثة قوائم مأخوذ من صفن الفرس إذا أثنى إحدى يديه حتى قام على ثلاث، ومنه قوله تعالى: {الصَّافِنَات الْجِيَاد} [ص:٣١] قال الشاعر:
أَلِفُّ الصَّفُّونَ فَلَا يُزَالُ كَأَنَّه ... مِمَّا يَقُومُ عَلَى الثُّلاثِ كَسِيرَا
وفي قوله: {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} تأويلان:
أحدهما: أي سقطت جنوبها إلى الأرض.
ومنه قولهم: وجبت الشمس إذا سقطت للغروب.
والثاني: طفت جنوبها بخروجها الروح، ومنه وجوب الميت إذا خرجت نفسه، وفي قوله: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: ٢٨] ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الأكل والإطعام واجبان.
والثاني: أنهما مستحبان.
والثالث: أن الأكل كل مستحب والإطعام واجب، وفي قوله: {الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَ} [الحج:٣٦] ثلاثة أوجه:
أحدها: أن القانع: السائل، والمعتر: الذي يتعرض ولا يسأل قاله الحسن.
والثاني: أن القانع: الذي يقتنع ولا يسأل، والمعتر: الذي يعتري فيسأل قاله قتادة وأنشد أبو عبيدة.
لَهُ نَحْلَةَ الأوفى إذاً جَاءَ عَانَيَا ... وَإِنَّ جَاءَ يَعْرُو لُحَمُنَا لَمْ يُؤَنَّبْ
والثالث: أن القانع الطواف والمعتر: الصديق الزائر قاله زيد بن أسلم وقال تعالي: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} [الحج: ٣٧] وفيه تأويلان:
أحدهما: لن يتقبل الله الدماء، إنما يتقبل التقوى.
والثاني: لن يصعد إلى الله لحومها ولا دماؤها، وإنما يصعد إليه التقوى والعمل الصالح، لأنهم كانوا في الجاهلية إذا نحروا بدنهم استقبلوا الكعبة بها ونصحوا الدماء عليها، فأرادوا أن يفعلوا في الإسلام مثل ذلك، فنهوا عنه: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ} [الحج:٣٧] فيه تأويلان:
أحدهما: ذللها حتى أقدركم عليها.
والثاني: سهلها لكم حتى تقربتم بها.