فدل هذا الخبر على اعتبار المسن من غير الضأن والجذع من الضأن، وليس ذلك شرطاً في الاعتبار، لما روى زيد بن خالد الجهني قال:"قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه ضحايا فأعطاني عنزاً ذا جذع فرجعت إليه فقلت: إنه جذع فقال: "ضح به فضحيت به"
وروي عن سعيد بن المسيب عن عقبة بن عامر قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجذع من الضأن فقال: ضح به" وروي عن ابن عباس قال: جلبت غنماً جذاعاً إلى المدينة فكسدت عليَّ فلقيت أبا هريرة فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نعم الأضحية الجذع من الضأن قال: فانتهبها الناس. والدليل على أن الجذع من المعز لا يجزئ ما رواه الشافعي عن سعيد بن المسيب عن ابن خباب عن يزيد عن البراء بن عازب قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم العيد، فقال:"إن أول نسك يومكم هذه الصلاة فقام إليه خالي أبو بردة، فقال: يا رسول الله كان يوماً يشتهر فيه اللحم، وإنا عجلنا فذبحنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فأبدلها"، قال: يا رسول الله إن عندنا ماعزاً جذعاً فقال: "هي لك وليست لأحد بعدك".
فدل على أن الجذع من المعز لا يجزئ غيره، وفي تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة بإجزائها عنه وجهان:
أحدهما: لأنه كان قبل استقرار الشرع فاستثنى.
والثاني: أنه علم من صدق طاعته وخلوص نيته ما ميزه عمن سواه، واختلفوا هل كان ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اجتهاد رأيه أو عن وحي من الله تعالى؟ على وجهين:
فصل:
فإذا تقرر ما ذكرنا في أسنان الضحايا فالثني من الإبل ما استكمل خمس سنين، ودخل في السادسة، وروى حرملة عن الشافعي أنه ما استكمل ستاً، ودخل في السابعة، وليس هذا قولاً ثانياً يخالف الأول كما وهم فيه بعض أصحابنا ولكن ما رواه الجمهور عنه هو قول أهل اللغة إخباراً عن ابتداء سن الثني، وما رواه حرملة إخباراً عن ابتداء سن الثني، وما رواه حرملة إخباراً عن انتهاء سن الثني، وأما الثني من البقر فهو ما استكمل سنتين. ودخل في الثالثة، وروى حرملة ما استكمل ثلاثاً، ودخل في الرابعة، وتأويله ما ذكرناه وأما الثني من المعز فهو: ما استكمل سنة ودخل في الثانية، وروى حرملة ما استكمل سنتين، وتأويله ما ذكرناه، وأما الجذع من الضأن والمعز فهو ما استكمل ستة أشهر ودخل في الشهر السابع، وروى حرملة ما استكمل سنة وتأويله ما ذكرناه.