ودليلنا: قول الله سبحانه: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج:٣٦] ولم يفرق بين الليل والنهار فكان على عمومه فيها.
ولأنه من زمان النحر فجازت الأضحية فيه كالنهار.
ولأنه أحد مقصودي الأضحية فجاز ليلاً كالتفرقة.
فأما الجواب عن الآية فهو أن الليالي تبع للأيام.
والنهي محمول على الكراهة كما نهى عن جداد الثمار في الليل - ما يصنع بلحم الأضحية من حيث الادخار والأكل والطعام والإهداء ـ.
مسألة:
قال الشافعي: "والضحيه نسك مأذون في أكله وإطعامه وادخاره ".
قال في الحاوي: أما الضحايا والهدايا فحكمها في جميع ما قدمناه سواء، وإنما يختلفان في المحل فمحل الهدي الحرم، لقول الله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣]. ومحل الضحايا في بلد المضحي، وهل يتعين عليه ذبحها فيه أم لا؟ على وجهين مخرجين من اختلاف قولي الشافعي في تفريق الزكاة في غير بلد المالك هل يجزئ أم لا؟ على قولين:
فإن قيل: لا تجزئ تعين عليه ذبح الأضحية في بلده فإن ذبحها في غير بلده لم يجزه.
وإن قيل: تفريقها في غير بلده يجزئ لم يتعين عليه ذبح الأضحية في بلده، وكان ذبحها في بلده أفضل، وفي غير بلده جائز.
فإذا تقررت هذه الجملة لم يخل حالها بعد الإيجاب إيجابها أن تكون عن نذر أو تطوع، فأما التطوع فهو ما ابتدأ إيجابه فقال: قد جعلت هذه البدنة أضحية، فيجب أن يذبحها في أيام النحر وكذلك الهدي ثم يسلك بها مسلك الأضحية، وذلك مشتمل على أربعة أحكام:
أحدها: أن يأكل منها.
والثاني: أن يطعم الفقراء.
والثالث: أن يهدي إلى الأغنياء.
والرابع: أن يدخر قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:٣٦] فنص هذه الآية على ثلاثة أحكام على أكل وإطعام الفقراء ومهاداة الأغنياء.
وأما الادخار فالأصل ما رواه الشافعي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت: دق ناس من أهل البادية حضرة