ولأن مؤونة ما يستحق إخراجه لازمة للمتقرب كمؤونة الجداد والحصاد ٠ فإن أعطى الجازر أجرته جاز أن يعطيه بعد ذلك من لحمها صدقة إن كان محتاجاً أو هدية إن كان مستغنياً.
فصل:
فأما الجلد فهو في حكم الأضحية في تحريم بيعه على المضحي، وفي جواز تفرده به وجهان:
أحدهما: يجوز، لأنه بعض الأضحية.
والثاني: لا يجوز حتى يشارك فيه الفقراء، لأنه غير اللحم فلزم الإشراك فيه كاللحم، فإن باعه كان بيعه باطلاً، وقال عطاء: يجوز له بيع الجلد؛ وتملك ثمنه لأن مقصود الأضحية إراقة الدم وإطعام اللحم.
وقال الأوزاعي: يجوز له بيع الجلد بآلة البيت التي تعار كالقدر والميزان والسكين، ولا يجوز بيعه للآلة وتلزمه الإعارة.
وقال أبو حنيفة: يجوز له بيعه بالآلة دون غيرها، ولا يلزمه إعارتها اعتباراً بالعرف.
ودليلنا: ما رواه مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي عليه السلام أنه قال: أمرني رسول - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنة فأقسم جلودها وجلالها، وأمرني أن لا أعطي الجازر منها شيئاً، وقال: نحن نعطيه من عندنا، فقسم الجلود كما قسم اللحم، فدل على اشتراكهما في الحكم.
وروى عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة أنه قال: من باع جلد أضحيته فلا أضحية له، وهذا إن انتشر إجماع، وإن لم ينتشر حجة، إذ ليس له مخالف، ولأنه بعض الأضحية فلم يجز بيعه كاللحم، ولأن ما لم يجز بيع لحمه لم يجز بيع جلده، كدم التمتع والقران.
قال الشافعي رحمه الله:"ولا تجوز الأضحية لعبدٍ ولا مدبر ولا أم ولد لأنهم لا يملكون".
قال في الحاوي: أما المملكون من العبيد والإماء وأمهات الأولاد والمدبرين فلا يملكون إن لم يملكوا، ولا هو من أهل الضحايا، لأنهم لم يملكوا، فإن ضحى أحدهم بإذن سيده كان نائباً عنه، والأضحية عن السيد لا عنه، وان ضحى بغير إذن سيده كان متعدياً بالذبح في ملك سيده، وتكون الذبيحة لحماً للسيد، وليس بأضحية، وان ملكه السيد مالاً، ففي صحة ملكه قولان: