للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: وهو تأويل الشافعي ومن رواه بكسر الكاف أن العرب كانت تعتاق الطير وتزجرها تفاؤلاً وتطيراً إذا أرادوا حاجة أو سفراً فينفرون أول طائر بسفح لهم، فإن طار ذات اليمين قالوا: هذا طائر الأيامن فتيمنوا به، وتوجهوا، وأيقنوا بالنجاح، وان طار ذات الشمال قالوا: هذا طير الأشائم فتشاءموا بهء وعادوا معتقدين للخيبة، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذا، وقال: "إن الله تعالى يحب الفأل ويكره الطيرة ".

وروى قبيصة بن المخارق الهذلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه نهى عن الطيرة والعيافة والطرق". العيافة هي: زجر الطير، والطرق: هو الضرب، وبه سميت مطرقة الحداد.

والثاني: وهو قول من رواه بالفتح في الكاف أنه أراد به النهي عن صيد الليلة إذا أوت الطير إلى أماكنها، واختلف من قال بهذا في معنى النهي عن صيد الليل فقال بعضهم لأنه وقت الدعة والراحة وقال آخرون: لأن أوكارها مأوى الهوام المخوف.

فصل:

فإذا تقرر بما ذكرنا أن العقيقة سنة فالكلام فيها يشتمل على ستة فصول: أحدها في مقدار العقيقة، وقد اختلف فيه على ثلاثة مذاهب، فعند الشافعي يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، وعند مالك يعق عن الغلام شاة كالجارية من غير تفضيل؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً، وقال آخرون: يعقّ عن الغلام، ولا يعقّ عن الجارية؛ لأن العقيقة السرور والسرور يختصّ بالغلام دون الجارية.

والدليل عليهما رواية أم كرز قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية أسأله عن لحوم الهدي فسمعته يقول: "عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة لا يضركم ذكراناً أو إناثا" والمكافئتان المثلان.

وروى الأعرج عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اليهود يعقون عن الغلام ولا يعقون عن الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة " وفي هذين الحديثين دليل على الفريقين ثم على مالك أنه لما فضل الغلام على الجارية في ميراثه وأحكامه فضل عليها في عقيقته، ودليل على من لم يعق عن الجارية أن العقيقة للتبرك والتيمن، فاقتضى أن يقصد التيمن والتبرك بها بالذبح عنهما، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو أطاع الله الناس في الناس لم يكن ناس" ومعنى أطاع أي: استحباب دعاءهم معناه أن الناس يحبون أن يولد لهم الذكران دون الإناث، ولو لم يكن الإناث ذهب النسل فلم يكن ناس.

فصل:

والفصل الثاني: في صفة العقيقة وهي من النعم كالضحايا وفي أسنانها من الجذع

<<  <  ج: ص:  >  >>