إذا قال واحد من الصحابة قولًا لم ينشر في الباقين، أو انتشر في نفر منهم دون الكل، ولم ينقل عن أحد منهم خلافه لا يكون إجماعًا، وهل يكون حجة؟ فيه قولان:
أحدهما: قاله في "القديم"، وهو قول مالك، وأبي حنيفة: أنه يكون حجة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".
والثاني: قاله في "الجديد": لا يكون حجة؛ لأنه يجوز عليه الخطأ في اجتهاده كالتابعي إذا قال قولًا ولم ينتشر في التابعين لا يكون حجة بالإجماع. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما جاء عن الله فهو الحق، وما جاء عني فهو السنة، وما جاء عن أصحابي فهو سعة" ولأن القياس حجة شرعية فيترك به قول الصحابة كالسنة.
ومن أصحابنا من قال القولان: إذا لم يكن معه قياس أصلًا. فأما إذا كان مع قوله قياس ضعيف فقوله مقدم على القياس القوي، وهذا اختيار القفال وجماعة، وهو ضعيف عندي؛ لأنه لا يجب الرجوع إلى قول الصحابي بانفراده، ويجب الرجوع إلى القياس القوي والضعيف من التباس ساقط إذا خالفه القوي، فلا ينبغي إذا اجتمع ضعيفان أن يتناويا القوي، وهذا كالخبرين الضعيفين لا يعارضان خبر الواحد القوي. وحكي عن [١٦ ب/ ١] أبي الحسن الكرخي أنه قال: يكون حجة جارية مجرى القول المنتشر، وهو خطأ ظاهر.
فإذا قلنا بقوله الجديد كان قوله كقول أحد الفقهاء، مثل الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك فيجوز للشافعي مخالفته، ويترك له القياس، وهل يخص بقوله العموم؟ فيه وجهان:
أحدهما: يخص لأنه إذا خص بالقياس فلأن يخص بقوله أولى.
والثاني: لا يجوز، لأنه يترك قول نفسه بالعموم فلا يخص به العموم.
وقال القفال: هل يخص به العموم؟ قولان بناء على القولين الأولين، والذي تقدم هو الأصح.
فرع آخر
إذا اختلفت الصحابة على قولين، فإن لم يكن فيهم إمام ينظر، فإن كانوا في العدد سواء فهما سواء، وإن اختلف العدد فهل يرجح العدد؟ فعلى قول الجديد لا يرجح ويعود إلى ما يوجبه الدليل ويقتضيه الاجتهاد. وعلى قوله القديم يرجح به كما في الأخبار يرجح بكثرة الرواة، وإن كان فيهم إمام.
فإن كانوا في العدد سواء فالتي فيها الإمام هل تكون أولى؟ قولان: أحدها: يكون