والثاني: لا يتناضلا على أن يصيب أحدهما خمسة من عشرين، ويصيب الآخر عشرة من عشرين، فلا يجوز لما ذكرنا من التعليل بالتفاضل فيما يوجب التماثل وأنه إن نضله فلقلة إصابته لا بحسن منيعه.
والثالث: أن من عادة حذاق الرماة إذا رموا أن يأخذوا في اليد اليمين بين الخنصر والسبابة سهماً أو سهمين معداً للرمي، فأراد الشافعي بهذا أن لا يجوز أن يتناضلا على أن يكون في يد أحدهما إذا رمى سهم واحد وفي يد الآخر سهمان؛ لأن كثرة السهام في اليد مؤثر في قلة الإصابة؛ لأنه إن نضل فلقلة المانع من إصابته لا بحسن صنيعه، ويكون المراد باليد الكف ذات الأصابع.
مسألة:
قال الشافعي:"ولا على أن يحسب خاسقه خاسقين والآخر خاسق".
قال في الحاوي: وهذا صحيح؛ لأن عقد النضال يوجب التساوي، فإذا وقع فيه التفاضل بأن يكون خاسق أحدهما خاسقين، وخاسق الآخر خاسقاً واحداً بطل به العقد لدخول التفاضل فيه، وأنه نضل فلمضاعفة خواسقه لا بحسن صنيعه. ولو شرطا في القرع أن يكون خاسق كل واحد منهما قارعين جاز؛ لأنهما قد تساويا في مضاعفة خواسقهما.
مسألة:
قال الشافعي:"ولا على أن لأحدهما ثابتاً لم يرم به وبحسب له مع خواسقه ولا على أن يطرح من خواسقه خاسقاً ولا على أن خاسق أحدهما خاسقان".
قال في الحاوي: وهذا كما قال؛ لأن من احتسب له بخاسق لم يصبه يصير مفضلا به على صاحبه، فإن نضل، فلتفضيله لا بحسن صنيعه، ومن أسقط له خاسق قد أصابه يصير به مفضولاً إن نضل فلحط إصابته لا لسوء صنيعه، فيكون العقد باطلاً على الأمرين؛ لعدم التساوي بين المتفاضلين.
مسألة:
قال الشافعي:"ولا أن أحدهما يرمي من عرض والآخر من أقرب منه إلا في عرض واحد وعدد واحد".
قال في الحاوي: وهذا كما قال؛ لأن موجب العقد يقتضي التساوي فيه، فإن وقع التفاضل فيه أفسده.
ومن التفاضل اختلاف الهدف في القرب والبعد، فيشترطا أن يرمي أحدهما من مائتي ذراع، ويرمي الآخر من أقل منهما، أو أكثر لم يجز للتفاضل، ولكن لو كانت قوس