أنه ليس له أن يزيد في عدد القرع ما لم يكونا سواء ومنهم من زعم أنه ليس له أن يزيد بغير رضا المسبق. قال المزني رحمه الله: وهذا أشبه بقوله كما لم يكن سبقهما في الخيل ولا في الرمي ولا في الابتداء إلا باجتماعهما على غاية واحدة فكذلك في القياس لا يجوز لأحدهما أن يزيد إلا باجتماعهما على زيادة واحدٍ وبالله التوفيق".
قال في الحاوي: قد ذكرنا في لزوم عقد السبق والرمي قولين:
أحدهما: أنه لازم كالإجارة.
والثاني: أنه جائز وليس بلازم، كالجعالة، ويترتب عليها مسألتان:
أحدهما: في فسخ العقد، فان اجتمعا عليه صح، وهل الفسخ إقالة مراضاة أو فسخ خيار على القولين:
أحدهما: يكون إقالة مراضاة إن قيل بلزومه كالإقالة في البيع والإجارة.
والثاني: فسخ خيار إن قيل بجوازه كالفسخ في القراض والجعالة.
وإن انفرد بأحدهما بالفسخ، فإن قيل بلزومه كالإجارة لم يكن له التفرد بالفسخ، وان قيل بجوازه كالجعالة، فإن كانا قبل الشروع، في العمل جاز له الفسخ، وان كان بعده وقبل الغلبة، فإن كانا متساويين ومتقاربين لاستوائهما في الإصابة أو فضل أحدهما على الآخر بسهم كان لكل واحد منهما أن ينفرد بالفسخ، وهو فسخ خيار وليس بإقالة وان تفاضلا في الإصابة، وظهرت على أحدهما للآخر قبل تمامهما، فإن فسخ من ظهر أنه غالب جاز، وان فسخ من ظهر أنه مغلوب، ففي جوازه قولان:
أحدهما: يجوز لاستوائهما في خيار العقد.
والثاني: لا يجوز لئلا يضاع على الغالب ما يلوح من وجوب حقه.
وأما المسألة الثانية في زيادة الشرط، وهو أن يعقداه على إصابة عشرة من عشرين، فيجعل إصابة خمسة من عشرين أو يجعل إصابة عشرة من ثلاثين أو يعقداه على أن العوض فيه دينار، فيجعل أقل أو أكثر، فإن قيل بلزومه كالإجارة ولم يصح ذلك من أحدهما حتى يجتمعا على فسخ العقد، واستئناف عقد مستجد.
وان قيل بجوازه كالجعالة جاز أن ينفرد به أحدهما، لكن لا يصير الآخذ داخلاً فيه إلا أن يستأنف الرضا به، وقيل له: إن شئت أن تراميه على هذا، وإلا ملك خيارك.
فأما ما حكاه الشافعي عن الرماة من مذاهبهم، فقد اختلف أصحابنا فيما أراد به على وجهين:
أحدهما: أراد أن ما ذهب إليه من لزومه وجوازه وزيادته، ونقصانه، قد قاله غيره وتقدمه به.