بالعذر وأعذاره في تأخير الرمي ما أثر في نفسه من مرض أو شدة حر أو برد أو أثر في رميه من شدة ريح أو مطر أو أثر في أهله من موت حل أو حادث نزل أو أثر في ماله من جائحة طرقت أو خوف طرأ، إن لم يكن له في تأخير الرمي عذر والتمس به الدعة إلى وقت آخر، ففي إجباره على التعجيل قولان:
أحدهما: يجبر عليه، إذا قيل بلزومه كالإجارة.
والثاني: لا يجبر على تعجيله إذا قيل بجوازه كالجعالة.
فصل:
والحال الثانية: أن يريد بالجلوس عن الرمي فسخ العقد، فلا يخلو أن يكون معذوراً في الفسخ أو غير معذور، فإن كان معذوراً في الفسخ، وأعذار الفسخ أضيق وأغلظ من أعذار التأخير وهي ما اختصت بنفسه من العيوب المانعة من تتمة رميه، وهي ضربان:
أحدهما: ما لا يرجى زواله كشلل يده أو ذهاب بصره، فالفسخ واقع بحدوث هذا المانع، وليس يحتاج إلى فسخه بالقول.
والثاني: ما يرجى زواله كمرض يده أو رمد عينه أو علة جسده فلا ينفسخ العقد بحدوث هذا المانع، بخلاف الضرب الأول، لإمكان الرمي بإمكان زواله، ويكون الفسخ بالقول، وذلك معتبر بحال صاحبه، فإن طلب تعجيل الرمي، فله الفسخ لتعذر التعجيل عليه، ويكون استحقاق هذا الفسخ مشتركاً بينه وبين صاحبه، ولكل واحد منهما فسخ العقد به، وإن أجاب صاحبه إلى الإنظار بالرمي إلى زوال المرض، فهل يكون عذره في الفخ باقياً أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: يكون باقياً في استحقاق الفسخ؛ لئلا تكون ذمته مرتهنة بالعقد.
والثاني: أن عذر الفسخ قد زال بالانتظار، وليس للمنظر أن يرجع في هذه الإنظار، وإن جاز له أن يرجع في الإنظار بالديون؛ لأنه عن عيب رضي به وجرى مجرى الإنظار بالإعسار، وان لم يكن لطالب الفسخ عذر في الفسخ. فإن قيل بلزوم العقد كالإجارة لم يكن له الفسخ، وأخذ به جبراً، فإن امتنع منه حبس عليه كما يحبس بسائر الحقوق إذا امتنع بها، فإن طال به الحبس، وهو على امتناعه عزر حتى يجيب، وان قيل بجواز العقد كالجعالة، فله الفسخ قبل الرمي، وبعد الشرو فيه، وقبل ظهور الغلبة، فإن ظهرت الغلبة لأحدهما، فإن كانت لطالب الفتح، فله الفسخ، وان كانت لغيره، ففي استحقاقه للفسخ قولان مضيا:
أحدهما: لا يستحقه بعد ظهورها، لتفويت الأغراض المقصودة بعد ظهورها.
والثاني: وهو الذي نص عليه الشافعي ها هنا، له الفخ لما علل به من أنه قد يكون له الفضل فينضل ويكون عليه الفضل، فينضل.