رامياً أو من يرمي عليه كنا نراه غير رام وهو من الرماة فحكمه حُكم من عرفوه ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، إذا اجتمع الزعيمان للعقد، وهو غريب لم يعرفوه فأخذه أحد الزعيمين في حزبه، ودخل في عقده، وشرعوا في الرمي، فله حالتان:
إحداهما: أن لا يحسن الرمي، ولا يكون من أهله، فالعقد في حقه باطل؛ لأنه معقود عليه، في عمل معدوم منه، فصار كمن استؤجر للكتابة، وليس بكاتب، وللصناعة، وليس بصانع، يكون العقد عليه باطلاً، كذلك من دخل في عقد الرمي، وليس برام، وإذا بطل في حقه، فقد قال أبو حامد الإسفراييني، يبطل العقد في واحد من الحزب الآخر، لأنه في مقابلته وفي بطلانه فيمن بقي من الحزبين قولان من تفريق الصفقة، وهذا وهم منه؛ لأن من في مقابلته من الحزب الآخر غير متعين، وليس لزعيمهم تعيينه في أحدهم، لأن جميعهم في حكم العقد سواء، وليس أحدهم في إبطال العقد في حقه بأولى من إثباته فيه، وليس لدخول القرعة فيه تأثير، لأنها لا تدخل في إثبات عقد ولا إبطاله، فوجب أن يكون العقد في حقوق الجماعة باطلاً.
والثانية: أن يكون من أهل الرمي، فله فيه ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون مساوياً لهم فيه، فلا مقال للحزبين فيه، ويكون صوابه لحزبه، وخطؤه على حزبه.
والحال الثانية: أن يكون أرمى منهم، فيقول الحزب الذي عليه: كنا نظنه مثلنا، وقد بان أنه أرمى منا، فاستبدلوا به غيره ممن يساوينا، فليس ذلك لهم؛ لأنه قد دخل في عقدهم، فصار كأحدهم، من لزومه وجوازه، ولا يجوز إفراده منهم بفسخ ولا خيار، ويكون صوابه وخطؤه لحزبه.
والحال الثالثة: أن يكون دونهم في الرمي، فيقول من معه: كنا نظنه رامياً مثلنا، وقد بان تقصيره، فنستبدل به غيره، مكافئاً لنا، فليس ذلك لهم، إلا أن يفسخوه في حقه دونهم، لما عللنا، ويكون صوابه وخطؤه لحزبه، وهو كمن عرفوه، وعيبه عليهم حين لم يختبروه.
مسألة:
قال الشافعي: "وإذا قال لصاحبه اطرح فضلك علي أني أعطيك به شيئاً لم يجز إلا بأن يتفاسخا ثم يستأنفا سبقاً جديداً".
قال في الحاوي: وهذا كما قال. إذا زادت إصابة أحد المتناضلين على إصابة الآخر قبل الغلبة، فقال: من قلت إصابته لصاحبه: أسقط عني فضل إصابتك، ولك عليّ دينار، ليستكمل بقية الرمي، بعد التساوي لم يجز، لأن مال السبق مستحق بكثرة