أحدها: أن قوله "من اشترى ما لم يره فهو بالخيار إذا رآه" في الاستئناف للعقد عليه، لا في استصحاب العقد المتقدم منه.
والثاني: أنه محمول على السلم الذي لم يره، فهو بالخيار إذا رآه ناقصاً عن الصفة.
والثالث: أنه محمول على من اشترى ما لم يره في حال العقد إذا كان قد رآه قبل العقد، فهو بالخيار إذا وجده ناقصاً فيما بعد.
أما الجواب عما ذكره من الإجماع: فقد خالف فيه عمر، فبطل أن يكون إجماعاً يحتج به، أو دلالة تلزم، ولو لم يكن عمر مخالفاً، لكان قول خمسة لا يعلم انتشاره في جميعهم، والقياس يخالفه، فوجب أن يقدم عليه.
وأما الجواب عن قياسهم على النكاح، فالفرق بينهما يمنع من صحة الجمع، وهو أن الرؤية موضوعة لاستدراك الصفة وليس المقصود في النكاح صفة المنكوحة، وإنما المقصود فيه الوصلة، ألا تراه لو وجدها معيبة لم يكن له خيار، فكذلك لم يكن الجهل بصفاتها مانعاً من صحة العقد عليها، وصفات المبيع مقصودة في البيع، بدليل أنه لو وجده معيباً كان له الخيار، وكذلك كان الجهل بصفاته مانعاً من صحة العقد عليه.
على أن أبا حنيفة قد فرق بين النكاح والبيع في الرؤية، فقال: عقد النكاح لازم قبل الرؤية، وعقد البيع في العين الغائبة لا يلزم إلا بالرؤية. فيقال له: لما كانت الرؤية شرطاً في لزوم البيع، كانت شرطاً في انعقاده، ولما لم تكن الرؤية شرطاً في لزوم البيع، كانت شرطاً في انعقاده، ولما لم تكن الرؤية شرطاً في لزوم البيع، كانت شرطاً في انعقاده، ولما لم تكن الرؤية شرطاً في لزوم النكاح، لم تكن شرطاً في انعقاده.
وأما الجواب عن قولهم: إن فقد الرؤية يوقع الجهل بصفات المبيع، والجهل بصفات المبيع، يوجب الخيار، ولا يوجب فاد العقد كالمعيب والمستور بقشره. فهو أن المعيب والمستور بقشره قد جهل بعض صفاته، والغائب قد جهل جميع صفاته، والجهل ببعض الصفات لا يساوي حكم الجهل بجميعها، لأمرين:
أحدهما: أنه قد يستدل بالأمر المشاهد على ما ليس بمشاهد، فيصير الكل في حكم المعلوم وليس كذلك الغائب الذي لم يشاهد شيئاً منه.
والثاني: أن الرؤية على ضربين: رؤية لا تلحق فيها المشقة وهي رؤية الجمل دون جميع الأجزاء، ورؤية تلحق فيها المشقة وهي رؤية جميع الأجزاء كالعيوب الخفية والمأكولات التي في قشورها. فالرؤية التي تجب وتكون شرطاً في صحة العقل، هي رؤية الجملة لعدم المشقة فيها دون رؤية جميع الأجزاء لوجود المشقة فيها.
وأما الجواب عن قولهم: لو كانت الرؤية شرطاً كالصفة، لوجب أن تكون رؤية الجميع شرطاً كالصفة: فهو أن رؤية البعض قد أقيمت في الشرع مقام رؤية الكل، بدليل أن ما لم يشاهد منه لا خيار فيه إذا شوهد إلا بوجود عيب، ولو لم يكن كالمشاهد، لثبت فيه الخيار كالغائب، وليس كذلك الصفة؛ لأن صفة البعض لم يجر عليها في الشرع حكم صفة الكل، فافترقا من حيث ظن أنهما قد اجتمعا.
وأما الجواب عن قولهم: لو كانت الرؤية شرطاً، لكان وجودها حال العقد شرطاً