العقد إبطال ما زاد على الثلاث، صح العقد، وجب إذا اشترطا بعد العقد إبطال ما زاد على الثلاث أن يصح العقد.
ودليلنا: نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر والنهي يقتضي فساد المنهي عنه؛ ولأنه عقد فاسد، فوجب أن لا يلحقه الصحة قياساً. على بيع الدرهم بالدرهمين؛ ولأنه عقد شرط فيه خيار فاسد، فوجب أن يفسده، أصله: إذا لم يبطلاه حتى مضت الثلاث؛ ولأن كلما أبطل العقد إذا لم يتفقا على تصحيحه بعد العقد، أبطله وإن اتفقا على تصحيحه بعد العقد كالثمن المجهول. ولأنه شرط ينافي صحة العقد، فوجب أن يبطل به العقد كالأجل المجهول. ولأن الخيار في مقابلة جزء من الثمن، ألا ترى أن الثمن في العرف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه، فإذا بطل خيار ما زاد على الثلاث، سقط من الثمن ما قابله، فصار باقي الثمن مجهولاً، والبيع يبطل بالثمن المجهول فكذلك بما أوجبه من الخيار الفاسد.
فإن قيل: هذا الاستدلال يفسد بخيار الثلاث إذا شرطا إسقاطه بعد العقد، لأنه قد أسقط من الثمن ما قابله، فأفضى إلى جهالة في باقية ولم يفسد البيع:
قيل: هذا لا يلزم، لأن الجهالة صارت في الثمن لمعنى حادث بعد العقد، فلم يقدح في صحة العقد، وهناك لمعنى قارن العقد، فقدح في صحة العقد، ألا ترى أنه إذا وجد بالمبيع عيباً فأخذ أرشه صار الثمن مجهولاً ولم يفسد العقد، لأنه لمعنى حادث بعد العقد، ولو قال: قد بعتكه بمائة درهم إلا أرش عيبه فسد العقد، لأنها جهالة بمعنى قارن العقد.
فأما الجواب عن استدلاله بعد فساده بالأجل المجهول: فهو أن العقد إذا زيد في ثمنه أو نقص منه فقد كان وقع صحيحاً وفي هذا الموضع وقع فاسداً، فلم يصح بعد فساده.
فصل
فإذا ثبت أن خيار الثلاث جائز، فإن الزيادة على الثلاث فاسدة، والبيع معها فاسد. فلا بأس باشتراط الثلاث للبائع والمشتري، فلا يجوز للبائع التصرف فيما قبضه من الثمن، لثبوت الخيار للمشتري، ولا يجوز للمشتري التصرف فيما قبضه من المبيع، لثبوت الخيار للبائع. ويجوز أن يكون خيار الثلاث مشروطاً للبائع دون المشتري، فلا يتصرف المشتري في المبيع، لثبوت الخيار، ويجوز للبائع أن يتصرف في الثمن، لأنه لا خيار عليه للمشتري، ويكون تصرفه في الثمن اختياراً للإمضاء. ويجوز أن يكون خيار الثلاث مشروطاً للمشتري دون البائع، فلا يتصرف البائع في الثمن، لثبوت الخيار للمشتري، ويجوز للمشتري أن يتصرف في المبيع، لأنه لا خيار عليه للبائع وهل يكون تصرفه في المبيع اختياراً للامضاء؟.
على وجهين ذكرناهما في وقته، وفرقنا بين تصرف البائع وتصرف المشتري بما مضى.
فصل
وإذا جاز اشتراط خيار الثلاث، جاز اشتراط خيار ما دون الثلاث، فيجوز أن