للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما (استخير) الله تعالى فرأى كلا القولين محتمل، ولكل واحد وجه، وهذا من الشافعي دليل على مسألة في الأصول، وهو أن السكوت وعدم النقل دليل على عدم الحكم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم [١٧٧ أ/١] سكت عن الإعادة فجعله دليلاً على نفي وجوب الإعادة. واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من قال: إن صح الخبر فلا إعادة قولاً واحداً، وإن لم يصح فعلى قولين، والخبر لم يصح لأنه رواه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي، عن زيد بن علي بن الحسين بن على عن آبائه، عن علي- رضي الله عنه، قال أحمد، ويحي بن معين، وإسحاق، وأبو زرعة وغيرهم: أبو خالد هذا ضعيف يضع الحديث، وكان كذاباً، وزيد عن أبائه مرسل. ومن أصحابنا من قال: صح الخبر ولم يصح فيه قولان، والطريق الأول هو أصح، ووجه قولنا يلزمه الإعادة أنه ترك غسل العضو لعذر نادر غير متصل، فصار كما لو ترك غسل الغسل ناسياً ووجه قولنا لا تلزمه الإعادة وهو الصحيح عندي؛ حديث جابر- رضي الله عنه- في الذي

أصابته الشجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما كان يكفيه أن يتيمم)) ويعصب على جرحه خرقة ويمسح عليها ويغسل سائر بدنه. ولم يذكر الإعادة وكان الفرص بذلك البيان، وإذا ثبت ها هنا أنه إعادة ثبت في مسألتنا، وأما قول القائل الأول: إنه نادر، قلنا: ليس كذلك لأنه يقع في الغالب، ومن جملة الأمراض، وهذا كله إذا وضعها على طهر، فأما إذا وضعها على غير طهر يلزمه نزعها إن لم يخف [١٧٧ ب/١] التلف، وإن خاف التلف لا يلزمه نزعها.

وقال الشافعي في ((الأم)): لم يسمح عليها، ولم يرد به أنه لا يجوز له المسح، بل يلزمه المسح، ولكن أراد به أنه لا يسمح مسحاً يعتد به في سقوط الفرض بحيث لا تلزمه الإعادة بقول واحد تلزمه الإعادة. ومن أصحابنا من قال: هل تلزمه الإعادة ها هنا أيضاً؟ قولان، لأن الشافعي قال: وإن خاف الكسير غير متوضاء التلف إذا ألقيت الجبائر ففيها قولان، وهذا غلط. وهو بخلاف ما توهم هذا القائل؛ لأن معنى قوله: غير متوضاء أي وقت الحاجة إلى المسيح غير متوضاء، وكان الوضع على الوضوء ثم أحدث، والدليل على هذا هو أن هذا اللفظ منقول عن الجديد، وفي الجديد لزوم الإعادة إذا وضعها على غير طهر قولاً واحداً، وكذلك إذا عدا بالجبائر موضع الحاجة فإنه يلزمه إعادة الصلاة قولاً واحداً.

ومن أصحابنا من قال: إن لم تضع على طهر أعاد، في ((الجديد)) قولاً واحداً، وفي ((القديم)) قولان، وإن وضع على طهر ففي الجديد قولان، وفي القديم: لا يعيد قولاً واحداً، ووجه قول القديم في سقوط الإعادة، وإن كان الوضع من غير طهر [١٧٨ أ/١] أنه يجوز هذا المسح للعجز والضرورة لا للرخصة، فلا يشترط وجود شرط الجواز وهو الطهر، بخلاف المسح على الخفين. وهذا يحكى عن أحمد في رواية، ولا يصح عن الشافعي أصلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>