ماتوا. وقال ابن خيران، والقفال الشاشي وأكثر أصحاب أبي حيفة: يصير إجماعًا لأنه إجماع علماء أهل عصر، فكان حجة كإجماع الصحابة.
فرع آخر
إذا أجمعت الصحابة على قولين لم يجز للتابعين إحداث قول ثالث وقال بعض المتكلمين: يجوز، وبه قال أصحاب أبي حنيفة، وهذا غلط، لأن اختلافهم على القولين إجماع على إبطال كل قول سواهما.
فرع آخر
إذا قال الصحابة قولًا يخالف القياس لا يُحمل على التوفيق بالشك، ولهذا لا يصير حجة على من هو في زمانه من الصحابة بخلاف ما لو رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فصل في الإشارة إلى الأدلة المذكورة في كتاب المزني
وجملة ما ذكر فيه من الأدلة الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والاستدلال، واستصحاب الحال، والاجتماع يكون بلفظ الكتاب والسنة وفحواهما نصًا كان ظاهرًا أو عامًا، فالنص كقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣] الآية. والعموم كقوله [١٨ أ/ ١] تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥] والظاهر كقوله تعالى: {وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ}[النور: ٣٣]، ظاهرة الوجوب. وكذلك قوله تعالى:{وَلَا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[البقرة: ١٨٨]، ظاهره كتحريم. ولو عارض النص عموم أو ظاهر قدم النص، ولذلك إن عارضه فقياس، وإن عارضه مثله كان المتأخر ناسخًا للمتقدم، فإن لم يعلم المتأخر طلب بينهما الترجيح، فيقدم الأرجح، والعموم والظاهر إذا عارضهما القياس خُص العموم وصرف الظاهر إلى المحتمل عند أكثر أصحابنا.
وأما الفحوى فهو التنبيه ودليل الخطابن فالتنبيه كقوله تعالى:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الإسراء: ٢٣] نبه على نهيه عن الضرب، ودليل الخطاب كقوله صلى الله عليه وسلم:"في سائمة الغنم زكاة". فدل على انه لا زكاة في المعلوفة.
وأما القياس فيشتمل على أصل، وفرع، وعلة، وحكم، وذلك مثل قولنا في الرمان، إنه مطعوم جنس، فلا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلًا كالبر، والعلة قولنا: معلوم جنس، وهي ذات وصفين، وقد يكون أوصافها أكثر من ذلك أو أقل، والأصل البر؛ لأنه ثبت حكمه بنص النبي صلى الله عليه وسلم، والفرع الرمان، وهو المحكوم فيه، والحكم تحريم البيع متفاضلًا، والاستدلال يكون بوجوه كثيرة، منها أن يتبين فساد قول المخالفين،