لما بقي. والثاني: يقتصر فيه على التيمم, فعلى هذا لو استعمله في الميت فإنه يضمن قيمته لوارثه؛ لأنه استهلك من ماله ما لا حاجة به إليه.
مسألة: قال: ((وأحب تعجيل التيمم لاستحبابي تعجيل الصلاة)).
وهذا كما قال أراد بالتعجيل الأداء في وقت الصلاة يجوز له أن يصلي بالتيمم في أول وقتها, سواء طمع في وجوده قبل خروج وقتها أو لم يطمع. وأما الفضل ينظر, فإن لم يطمع فيه في آخر وقتها فالأفضل التقديم, فإن طمع ووفق إليه لخبرته بالمكان ومعرفته بالماء فالأفضل التأخير؛ وإن وقف بين الأمرين ففيها قولان. قال في ((الأم)): الأفضل تعجيلها. وقال في ((الإملاء)): الأفضل تأخيرها, وبه قال أحمد, والثوري, وهو اختيار عامة أهل العلم, ووجه هذا ما روى الحارث عن علي- رضي الله عنه- أنه قال في الجنب لا يجد الماء: يتلوم ما بينه وبين آخر الوقت, فإن وجد الماء وإلا تيمم, ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم)) فأمر بالتأخير لئلا يقدح في الخشوع, فلأن يجوز التأخير لإدراك الطهارة بالماء أولى, ووجه القول الأول للأخبار المروية في هذا الباب, مثل قوله صلى الله عليه وسلم [١٨٤ أ/ ١]((أفضل الأعمال عند الله الصلاة أول وقتها)). ولأنه ترك فضيلة محققة لأمر مظنون فلم يستحب ذلك, وأحتج المزني بهذا, فقال: التعجيل أولى لأن السنة أن نصلي ما بين أول الوقت وآخره. يريد به النصف الأول من الوقت وهو خبر ما بين أول كل شيء وآخره, فما لم يبلغ النصف فهو في حد الأول, وما جاوز النصف فهو في حد الآخر, ثم قال: فما كان أعظم لأجره في أداء الصلاة بالوضوء فالتيمم مثله. أي لما كانت الصلاة بالوضوء في أول الوقت أفضل كذلك بالتيمم في الجماعة أفضل, ويمكن أن يجاب عن هذا, فإن يقال: فرق بين الوضوء وبين هذا, وذلك أن ها هنا نرجو وجود الأصل وأداء الصلاة بأكمل الطهارتين والأصل بخلاف ذلك. وأما الصلاة جماعة إنما كانت أفضل بالتيمم؛ لأنه ليس في ترك الجماعة. رجاء وجود الماء والوصول إلى فضل الوضوء الذي هو الأصل بخلاف ها هنا, حتى لو رجا بترك وجود الماء يتركها. وقال الطحاوي: عن أبي حنيفة راويتان إحداهما: التأخير أفضل والثانية: أن كان على طمع من الماء فالتأخير أفضل, وإن كان لا يطمع فالتقديم أفضل, وإنما يتصور الخلاف معه في الصلوات التي توافقنا أن تعجيلها بالوضوء أفضل, مثل الظهر [١٨٤ ب/ ١] في الشتاء, والعصر يوم الغيم وروي عن
مالك أنه قال: يتيمم في وسط الوقت لا يؤخره جداً ولا يعجله.