إذا اشترط أن يقطعها، فإن استثنى أن يقرها فلا خير في البيع لأنه باعه ثمرًة لم يبد صلاحها إلى أن يكون مقرة إلى وقت قد تأتي عليه الآفة قبله ثم قال: الاستثناء كالبيع يجوز فيه ما يجوز في البيع ويفسد فيه ما يفسد في البيع، وظاهر هذا أن البائع متى استثنى الطلع لنفسه قبل الإبار لم يجز إلا بشرط القطع، ولا يجوز مطلقًا كما لا يجوز شراها مطلقًا من دون شرط القطع وهذا لأنها خارجة من العقد بالشرط فاعتبر فيها حكم ما يعقد عليه العقد من اشتراط القطع ولم يذكر في (الحاوي) غيره.
وقال: لو استثنى البائع نصف الثمرة بطل العقد لتعذر اشتراط القطع فيه، وقال سائر أصحابنا بالعراق أجمع أصحابنا على جواز هذا الاستثناء مطلقًا، وليس استثناءها ابتياعًا لها وتأَّولوا في هذه المسألة على أنه أراد أن المشتري [٦٥/ أ] اشترى النخل مطلقًا فصار هو والطلع له، ثم إن البائع اشترى منه الطلع في النخل فلا يجوز بغير شرط القطع، وقيل: روى حرملة إذا كان اشتراها على أن يقطعها ووقع الخطأ في النخل من غيره من اشتراها إلى استثنائها.
وقال القفال: نص الشافعي هكذا وأصحابنا اختلفوا على وجهين: أحدهما: ما ذكرنا، والثاني: لا يجب ذلك، لأنه استدامة الملك لا ابتداؤه وتأويل النص ما ذكرنا بدليل أن الشافعي قال: فإن رضي المشتري بتركها جاز لأنه رضي بترك ما باع فدل على أنه كان اشترى الكل ثم باع الثمرة وقال: يبتني الوجهان عندي على الوجهين في أنه هل يجوز أن يستثني منفعة الدار المبيعة شهرًا أو شهرين أو يبيع دابة ويستثني ظهرها ليركبها إلى بلد كذا؟ وفيه وجهان: أحدهما: يجوز كما لو باع ثم استأجر فعلى هذا يشرط هاهنا القطع، والثاني: لا يجوز، لأنه يصير بشرط تأخير تسليم المبيع فعلى هذا لا حاجة إلى شرط القطع لأنه استبقاء لا استثناء. وقيل: يبتنى على أصل آخر وهو: أنه [٦٥/ ب] لو باع عبدًا وله مال وقلنا: يملك العبد هل يستتبع هو ماله؟ قولان، وإذا قلنا يستتبع جعلنا ذكر العبد في العقد كذكره مع ماله فهاهنا يلزمه اشتراط القطع. كما لو باع ثم اشترى، وإن قلنا هناك لا يستتبع فهاهنا لا يلزمه اشتراط القطع.
مسألة: قال: (والكرسُف إذا بيَع أصلُه كالنخل).
الكرسف: القطن ويقال له: الكرسوف، والبرس، والقطن ضربان حجازي وخراساني والحجازي: شجر قوي يبقى سنتين فيطلع ويلقط كلما طلع، فهذا كالنخل سواء يجوز إفراده بالعقد مطلقًا، ومع الأرض فإذا بيع وحده أو مع الأرض فالجوز الذي فيه كالطلع إن كان قد ظهر القطن في بعضه فكلها للبائع، وإن لم يكن ظهر شيء فكلها للمشتري. وأما الخراساني: فإنه لا يبقى إلا سنة واحدة ثم يحصد كالباقلاء فلا يجوز إفراده بالبيع إلا على شرط القطع، وإن باع الأرض معه صح وإذا باع وحده بشرط القطع أو مع الأرض نظر فإن كان الجوز الذي فيه [٦٦/ أ] رطبًا ضعيفًا لم يقو ما فيه فالبيع جائز وذلك لا يجوز كالحشيش يكون للمشتري وإن كان الجوز الذي فيه قوي واشتد فالبيع باطل سواء ظهر بعضه أو لم يظهر منه شيء لأنه مقصود بالبيع مجهول [فهو]