[٦٩/ أ] شجر البائع إلى أوان الجذاذ، وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: يلزم البائع والمشتري قطعها في الحال فإن امتنع أجبر عليه وهذا غلط لأن النقل والتفريع للمبيع يجب على العرف والعادة كما لو باع دارًا مشحونة بالأمتعة والطعام لا يجب نقلها إلا على العادة شيئًا بعد شيء في النهار دون الليل كذلك هاهنا، فإن قيل: هذا في معنى استثناء منفعة المبيع لنفسه وذلك لا يجوز، قلنا: هذا لا يجوز شرطًا فأما إذا ثبت العرف فيه جاز شرعًا، كما لو باع أمًة من وجه يصح ومنافع البضع للزوج في معنى الاستثناء شرعًا كذلك هاهنا.
فإذا تقرر هذا فإنما له ذلك على ما جرت به العادة بالنقل عن الشجرة، فإن كان عينًا نقله إذا استحكمت حلاوته، وإن كان فاكهة نقلها لفظها إذا تناهى إدراكه، كان نخلًا فكذلك حين تتناهى حلاوته إلا أن يكون مما يؤكل بسرًا وبسره حيز من رطبه كالحيسوان فإنه تجده حين يستحكم حلاوة بسره لأن هذا هو العادة.
قال في الأم: فإن استحكم حلاوته فعليه نقله، وإن [٦٩/ ب] قبل إبقاؤه في شجرة خير له وإبقاء له لأن عادة النقل قد حصلت فليس له التبقية كما لو اشترى دارًا فيها بز فعلى البائع نقله، وإن كان بقاؤه في هذه الدار حرز له كذلك هاهنا.
مسألة: قال: (وإذا كاَن لا يصلحها إلا السقُي فعلى المشتري تخلية البائع).
إذا حصلت الثمرة للبائع والشجر للمشتري فأراد أحدهما السقي وامتنع الآخر لم تخل من أربعة أحوال: إما أن يضر بالنخل والثمرة معًا أو لا يضربهما وينفعهما أو يضر بالنخل دون الثمرة أو بالثمرة دون النخل. فإن كان يضربهما وهذا إنما يتصور في غير النخل فأما النخل فينفعه السقي أبدًا، فأيهما طلب السقي لم يجبر الآخر عليه لأنه سفه وتضييع، وإن كان السقي ينفعهما فأيهما طلب أجبر الآخر عليه، لأنه لا فائدة في الامتناع مما ينفعه ولا يضره. وقال في (الأم): وإن اختلفا في عدد السقي فقال أحدهما: كل عشرة أيام، وقال الآخر: أكثر رجعنا إلى أهل الخبرة ويعمل على ما جرت ولا فرق بين أن يكون الطالب البائع والممتنع المشتري أو الطالب [٧٠/ أ] المشتري والممتنع البائع.
فإن قيل: هلا قلتم السقي أبدًا على المشتري، لأنه صاحب الأصل ومالك الشجرة والثمرة لغيره كما قلتم فيمن باع ثمرة نخله، فالسقي على البائع حتى يستوفي المشتري؟ قلنا: الفرق أنه إذا باع ثمره فعليه إقباضها وتسليمها على التمام وسقي الأرض من تمام الإقباض فكان السقي عليه وهاهنا الثمرة وقعت مستثناة للبائع على ملكه ولكنها باقية علي شجرة المبتاع، وليس على المشتري إقباضها ولا تسليمها لأنه ما باع فلهذا لم يكن السقي عليه ثم ينتظر، فإن سقيا معًا فالأجرة عليهما وإن سقى أحدهما دون الآخر فالأجرة على الذي تولى السقي دون الآخر لأن كان السقي يضر بالنخل وينفع الثمرة فأراد البائع السقي. قال أبو إسحاق: يقال للمشتري: أتسمح بأن يمكنه من السقي وإن