الأرض أو مبنية فيها أو مستودعة. فإن كانت مخلوقة فيها مع خلقة الأصل دخلت في البيع لأنها كأجزاء الأرض من التراب والطين، ولأنها لست بأكثر من المعادن الباطنة كالجواهر والذهب والفضة المخلوقة في الأرض، وكلها تدخل في البيع كذلك هذه الحجارة فإذا ثبت هذا ُنظر فإن كانت لا تضر بزرع ولا شجر بحيث لا يصل إليها عرق [٨٦/ ب] واحد منهما فلا خيار للمشتري، لأنها ليست بعيب، وإن كان يضر بهما أو بأحدهما فهو عيب يرد به المبيع، وإن كان المشتري عالمًا به فلا خيار، وإن كان جاهلًا فله الخيار فإن اختار الإمساك أمسك بكل الثمن لأنه عيب فلا يتقسط الثمن عليه.
وقال في (الحاوي): إن كان يضر بالغراس لوصول عروقه إليها وغير مضرة بالزرع لبعد عروقه منها هل يكون عيبًا يوجب للمشتري الخيار وجهان: أحدهما: عيب لأنه منع بعض منافعها. والثاني: وهو اختيار أبي إسحاق لا يكون عيبًا لكمال المنفعة بأحد المقصودين وكذلك لو كان يصلح للغرس دون الزرع فيه وجهان أيضًا.
قال: والأصح عندي أن ينظر في تلك الناحية فإن كانت الأرض فيها مرصده للزرع، أو بعضها للغرس وبعضها للزرع لا يكون عيبًا ولا خيار، وإن كانت مرصده للغرس فهذا عيب لأن العرف المعتاد يجري في العقود مجرى الشرط ولعل اختلاف الوجهين على هذا التفصيل فلا يكون في الجواب اختلاف، وإن كانت الحجارة مبنية فيها للبقاء [٨٧/ أ] والتأبيد كالدكة وأساس الحيطان فالحكم فيها كما لو خلقت في أصل، وكذلك إذا كان البناء مهدمًا أو كانت في طي بئر خراب، وإن كانت مستودعة فيها وهي مسألة الكتاب وهذه عادة أهل الحجاز يأخذون الأحجار ويسوونها مربعة عريضة يبنون بها فربما يكون عند الرجل منها شيء لا يحتاج إليه في الحال، ويضيق به المكان فيودعه تحت الأرض لوقت الحاجة فهو لا يدخل في بيع الأرض بالإطلاق ثم لا يخلو إما أن يكون في الأرض شجر أو لا شجر فيها، فإن لم يكن فيها شجر بل كانت أرضًا بيضاء مزرعة لا شجر فيها، لا يخلو الحجر من أحد أمرين: إما أن يضر بقاؤها في الأرض أو لا يضر، فإن كان بقاؤها يضر وقلعها لا يضر فهو عيب للبائع نقلها، لأنها ملكه وللمشتري مطالبته بنقلها ليفرغ الأرض وإذا ثبت أنه عيب فهل للمشتري الخيار ُنِظر فإن كان عيبًا من غير ضرر مثل أن ينقلها في مدة ليس للأرض في مثلها أجرة كيوم فما دونه فلا خيار للمشتري لأنه عيب يزول من غير ضرر على المشتري.
قال أبو إسحاق:[٨٧/ ب] فهو كما لو باع عبدًا فأبق فقدر البائع على رده في الحال أو باع دارًا قد امتلأت بالوعتها وحّشها فقال البائع: أنا أزيل ذلك في الحال فلا خيار للمشتري، وكذلك لو ُغِصب المبيع قبل القبض فقال البائع: أنا أنتزعه في زمان يسير لا خيار للمشتري، فإذا ثبت هذا ونقل البائع ذلك فعليه تسوية الأرض سواء نقلها قبل القبض أو بعده لأنه حفرها لتخليص ملكه بغير تفريط من صاحب الملك، وإن كان البائع لا يمكنه