للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختار البائع ترك الحجارة فيها فلا خيار للمشتري، ولكن هل يملكها المشتري بهذا الترك؟ فيه وجهان أحدهما: يملكها لأنها متصلة بالمبيع وفيه تصحيح العقد وقد زاده خيرًا، والثاني: لا يملكها لأنه ابتداء هيئة مجهولة وهذا أظهر.

فإذا قلنا: يملكها سقط حق الباع وانقطعت علقته عنها ولزم العقد، وإن قلنا: لا يملكها فللبائع نقلها متى أراد ثم إذا أراد النقل عاد خيار المشتري والحكم على ما ذكرنا، وقال في (الحاوي): لا يملكها ولا يلزم قبولها وجهًا واحدًا لأنها هبة محضة ويؤخذ بقلعها إن كان قلعها لا يضر أيضًا، وإن كان [٨٩/ ب] قلعها يضر وتركها لا يضر قيل للبائع أتسمح بترك الحجارة؟ فإن سمح لزم البيع ولم يكن له الامتناع من قبولها ليثبت الخيار، ولا يقال هذه هبة فلا يلزمه قبولها، لأن المقصود ليس الهبة بل المقصود إسقاط الضرر عن المشتري فيما يلحقه بالقلع فخرج عن معنى الهبة وسقطت فيه المكافأة والمنة، ثم ليس للبائع أن يرجع فيها سواء وجد من المشتري القبول أو لا، لأنه يجري مجرى الإبراء الذي لا رجوع فيه ولا يفتقر إلى القبول وهذا حسن.

وقال القفال: يلزمه قبولها ثم هل هي هبة تمليك حقيقة أم هي لقطع الخصومة؟ وجهان وفائدته: أن المشتري لو استخرجها يومًا هل للبائع أن يقول: ردها علَّي وجهان، ونظير هذا لو أن رجلًا اشترى دابة فأنعلها ثم وجد بها عيبًا وفي قاع النعل حدوث عيب جديد فقال؛ لا أقلع بل أرد الدابة وأهب له النعل يلزم البائع قبوله ثم سقط النعل، فهو للبائع أو يلزم رده على المشتري؟ وجهان، وهذا إذا لم يكن غراس، فأما إن كان فيها غراس لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون البائع هو الذي غرسها أو المشتري [٩٠/ أ] فإن كان البائع غرسها فملكها المشتري بإطلاق العقد على القول الصحيح أو بالشرط على القول الآخر وصارا معًا للمشتري لا تخلو الحجارة من أربعة أحوال:

إما أن لا يضر تركها وقلعها، أو لا يضر قلعها ويضر تركها.

أو يضر الترك والقلع، أو يضر القلع دون الترك.

فإن لم يضر تركها ولا قلعها كأنها كانت من الشجر بحيث لا ضرر على المشتري منها بحال فالحكم فيها كما لو كانت كما لو كانت أرضًا بيضاء لا شجر فيها وقد مضى ذلك.

فإن قيل: أوجبتم تسوية الأرض في مواضع ومعلوم أن من نقض بناء رجل غرم ولا يقال له ابَن كما كان فما الفرق؟ قلنا: الفرق أن البناء الغاني الذي بني غير الأول بل هو شيء يقوم مقامه والجدار ليست من ذوات الأمثال، فتجب القيمة هناك ولا تجب إعادة البناء، وأما تسوية الأرض ليست بإحداث شيء ليكون مثلًا لشيء تالف، بل هي إخراج عيب ونقض فإذا أمكن ذلك لم يجب الغرم، وإن كان تركها يضر وقلعها لا يضر بالشجر بحال، فالحكم في هذا القسم أيضًا كما لو لم يكن فيها شجر بحال [٩٠/ ب] لأنها إنما فارقت البيضاء بكون الشجرة فيها فإذا كان قلعها لا يضر بالشجر لا اعتبار بكون الشجر فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>