للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه قولان: أحدهما: يبطل البيع لأن التسليم المستحق قد فات، والثاني: لا يبطل فعلى هذا للمشتري بالخيار أن يفسخ البيع ويرجع بالثمن على البائع وبين أن يخيره ويطالب الجاني بقيمة المبيع، وإن أتلفه البائع فالمنصوص الذي عليه عامة أصحابنا أن امبيع يبطل قولاً واحداً لأنه لا يمكن إيجاب القيمة على البائع يكون المبيع مضموناً عليه قبل القبض بالثمن فصار كما لو تلف [١٠٤/ أ] في يده بآفة سماوية، وقال ابن سريج: فيه قولان أيضاً، كما لو أتلفه لأجنبي فإن اختار إجازة البيع على أحد القولين يطالب البائع بالقيمة ويطالبه البائع بالثمن، وقال أحمد: لا يبطل وعلى البائع مثله أو قيمته، وإن كان المبيع ثمرة نظر فإن هلكت بعد النقل والتحويل فمن ضمان المشتري وإن هلكت قبل القبض بعد التخلية فهل يوضع الجائحة عن المشتري؟ قال في الجديد: لا يوضع وهو الصحيح. وبه قال أبو حنيفة.

وقال في القديم فيه قولان: أحدهما: ما ذكرنا، والثاني: توضع وهو قول أحمد وإسحاق وأبي عبيد، وإنما اختلف قوله في المسألة لما حكى عن سفيان بن عيينه من التوهين في الحديث وذلك أن سفيان كان يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه: "نهى عن بيع السنين" ثم زاد بعد زمان في الرواية وأمر بوضع الجوائح لفظه في الحديث نسيتها، ثم رأيت أن أروي ما حفظت قال الشافعي: فيحتمل أن يكون تلك اللفظة التي نسيتها دلالة على أن الأمر بوضع الحوائج على سبيل الندب وكان الأمر ما ظن [١٠٤/ ب] الشافعي إذ قد روى في بعض أحاديث الجائحة أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت: إن ابني اشترى ثمرة من فلان فأذهبتهما الجائحة فسأله أن يضع عنه فتألى أن لا يفعل فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أتألى فلان أن لا يفعل خيراً"، وروي "آلى فلان أن لا يصنع معروفاً"، وفي تسميته معروفاً دلالة على أنها استحباب، والدليل على صحة هذا أن قبض الأعيان الذي يتعلق به جواز التصرف ينتقل به الضمان فإن قلنا: لا يوضع كان من ضمان المشتري وإن قلنا: يوضع كان كما لو كان قبل القبض فيها الأقسام الأربعة: وهي أنها إن هلكت بآفة سماوية بطل البيع، وإن أهلكها المشتري كان من ضمانه، وإن أهلكها البائع أو الأجنبي فعلى الطريقين.

وقال مالك: إن كان الجائحة دون الثلث لم توضع عن المشتري ويلزمه كل الثمن، وإن كان قدر الثلث فصاعداً يوضع عن المشتري واحتج بأنه لابد في الثمرة أن يأكلها الطائر وتسقط بهبوب الريح، فلابد من فصل وهو ما ذكرت وهذا غلط، لأن هذا [١٠٥/ أ] القدر الذي يهلك بأكل الطائر لا يؤثر في العادة ولا يبلغ ما جذ إلا أن يقع عليها الجراد فلا يبقى شيئاً ويكون ذلك من جملة الجائحة، وقد قال الشافعي: لا وجه إلا وضع الكل أو إلزام الكل ولا خبر في التقدير بالثلث ولا قياس ولا معقول.

فرع

لو هلكت بعد أو أن الجذاذ قبل النقل فإن قلنا: لا توضع الجائحة إذا لم يبلغ أو أن الجذاذ فهاهنا قولان أحدهما: لا يوضع لأنه فرط في ترك النقل وهو اختيار أبي حامد والقفال، والثاني: يوضع فعلى هذا كان الجائحة قبل (أوان)

<<  <  ج: ص:  >  >>