استأجر شيئاً فلا يجوز أن يؤاجره قبل القبض بلا إشكال [١١٦/ ب].
مسألة: قال: ومن ابتاغ جزافاً فقبضه أن ينقله من موضعه.
الكلام الآن في كيفية القبض والمرجع فيه إلى العرف والعادة فما كان في العرف والعادة قبضاً فهو قبض، وما لم يكن فيه قبضاً لم يكن قبضاً، وهذا كما يرجع إلى معرفة الحرز والنقد إلى العرف والعادة، فإن كان شيئاً حقيقياً كالدراهم والدنانير والجواهر فقبضها التناول والقبض بالتراجم، وإن كان ثقيلاً كالطعام والثياب الكثيرة المشدودة والخطب ونحوها فقبضها النقل من مكانه، وإن كان زورقاً قبضه أن يمده من مكانه ولو ذراعاً واحداً، وإن كان عبداً فأن يقيمه من موضعه إلى موضع آخر وإن كان دابة فبأن يجر بزمامها من مكانها إلى مكان آخر، وإن كان عقاراً فالقبض فيه التخلية، وإن كان داراً فبأن يخرج البائع منها ويدخل المشتري إليها ويدفع إليه المفتاح ويخلي بينه وبينها، وقد قيل: إذا تمكن من دخولها يصير قابضاً دخل أو لا، وإن باع طعاماً مكايلة فقبضه أن يكتاله، وإن باع جزافاً فقبضه أن ينقله على ما ذكر.
وقال مالك وأبو حنيفة: القبض في هذه الأشياء كلها [١١٧/ أ] يحصل بالتخلية سواء كان مما ينقل أو لا ينقل وهذا غلط ولما روي عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: ابتعت زيتاً فلقيني رجل في السوق فأعطاني به ربحاً حسناً فهممت أن أضرب يده فأخذ رجل بذراع من خلفي فالتفت فإذا زيد بن ثابت فقال: لاتبعه حتى تجوزه فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى أن تباع السلعة حيث تحوزها التجار إلى رحالهم" وروي عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: كنا نشتري الطعام من الركبان جزافاًَ فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان"، وروي أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله".
فرع
لو اشترى طعاماً ثم استعار الحرز ولم يستوفه لم يكن قبضاً، ولو استأجره فيه وجهان أحدهما: يكون قبضاً لأنه بالإجارة ملك المنافع، والثاني: لا يكون قبضاً لأن ملك الحرز لم ينتقل والأصح الأول ولو ملك [١١٧/ ب] الموضع الذي فيه ببيه أو هبة كان قبضاً.
فرع آخر
لو اشترى شيئاً من دار بائعة ثم نقله إلى زاوية أخرى فيها بإذنه حصل القبض،