للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز؟ قولان قال في "الأم": ثم يجوز وقال في الجديد: لا يجوز، فإذا قلنا: لا يجوز قبضه المشتري [١٢٣/ ب] من المكاتب لم يقع القبض له وهل يقع للسيد؟ قولان كذلك ها هنا لا يقع له، وهل يقع للإذن؟ وجهان، فإذا قلنا: يقع له فقد برئت ذمته من حقه والطعام في يده عن قبله فيستأنف قبضه كيلاً، وإن قلنا: لا يقع له فالطعام لمن وقع فعليه أن يكيل ممن له عليه ثم ذلك يكيل ثانياً لمن له عليه فإن كان زائداً استرجع الزيادة، وإن كان ناقصاً فعليه الإتمام وإن كان وفاء حقه صح قبضه وبريء من حقه، وإن اكتاله منه لنفسه ودفع إليه بالكيل الذي أخذه صح قبضه من الأول ولم يصح قبض الثاني منه لما روي عن الحسن البصري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري"، والمعنى فيه أن كل بيع يقتضي قبضاً، وكل قبض يقتضي كيلاً إذا لم يكن العقد مجازفة، والاكتيال الأول قبض في أحد البيعين فلابد للبيع الثاني من القبض، وقبضه أن يجري الصاع مرة أخرى في ذلك الطعام ثم إذا أجرينا الصاع الثاني في ذلك الطعام ففضلت زيادة فيما بين الكيلين كانت [١٢٤/ أ] تلك الزيادة لصاحب الغريمين إذ يحتمل أن تلك الزيادة إنما ظهرت لمبالغة في الكيل الأول لا لتقصير في الكيل الثاني، ولو ظهر نقصان في الكيل الأول لزيادة في الكيل الثاني وهكذا في بيع العين، لو اشترى مكايلة فاكتال ثم باعه مكايلة وسلمه بالكيل الأول ولم يجز.

ولو اكتاله لنفسه ولم ينقله وتركه في المكيال وأقبضه إياه على تلك الصورة قال أبو يحيى البلخي: فيه وجهان أحدهما: يجوز لأنه تسلمه مكيلاً وهذا أقيس لأن استدامة الكيل تجري مجرى ابتدائه، والثاني: لا يجوز وهو ظاهر الخبر "حتى يجري فيه الصاعان" فينقله ثم يكيله على صاحه.

ولو قال له: خذ لي الطعام الذي عليه ثم خذ منه حقك فقبضه لموكله جاز ولا يصح قبضه لنفسه، ولو قال: خذ حقك بالكيل بانياً لنفسك فقبضه لنفسه بكيل جديد هل يجوز أم لا؟ قال أصحابنا بالعراق: لا يجوز أصلاً لأنه لا يكون قابضاً لنفسه من نفسه بل يجب أن يكيل عليه البائع أو وكيله، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان أحدهما: ما ذكرناه [١٢٤/ ب] والثاني: يجوز لأن القبض قد حصل وإنما يحتاج إلى كيل وقد ائتمنه البائع في الكيل، وهكذا لو قبض الذي اشتراه مكايلة وزناً أو اشترى موازنة كيلاً يكون قبضاً فاسداً فيحصل به انتقال الضمان إلى المشتري ولكن لا يحصل به جواز التصرف، فإن كاله هذا المشتري على نفسه هل يتم لو تلف لا ضمان لأنه أمانة في يده وبعدما أخذه لنفسه دخل في ضمانه سواء جوزنا القبض أو لا، وهذا كما لو قال لرجل له عليه دين: خذ هذا الكيس وخذ منه حقك فما لم يأخذ يكون أمانة عنده، وإن قال خذه بحقك كان جزافاً فقد دخل في ضمانه ثم إذا وزنه لنفسه فعلى الوجهين اللذين ذكرناهما، وإن قال له: خذخ ابتداء لنفسك ولا تأخذه لي فلا يصح قبضه لأنه لم يوكله

<<  <  ج: ص:  >  >>