للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القفال: فيه قولان، ولعله أراد قول التخريج، فإن قيل: أليس الحوالة تجوز وجهاً واحداً فما الفرق؟ قلنا: إن الحوالة تقع مقبوضة مسلمة فهي في معنى بيعه ممن عليه وأيضاً طريق الحوالة الإرفاق فجازت، وإن لم يجز البيع ألا ترى أنه يجوز أن يقرض درهماً بدرهم ويتفرقا قبل القبض، ولا يجوز هذا في بيع درهم بدرهم؟ لأن القصد من القرض الإرفاق دون المعاوضة، فإذا تقرر هذا وباع من الذي عليه وأخذ [١٢٩/ أ] العوض.

قال الشافعي: جاز أن يأخذ به ما شاء يداً بيد، قال أصحابنا: إن كان القبض مستحقاً فيهما في المجلس لا يجوز التفرق قبل القبض مثل أن يأخذ بدل الطعام الذي عليه طعاماً من غير جنسه مثل الشعير بدل الحنطة، وإن أخذ بدله دراهم أو دنانير أو ثياباً هل يجوز التفرق قبل قبضها؟ وجهان أحدهما: وهو ظاهر النص لا يجوز لأن القرض كان ديناً وإذا استبدل ثم افترقا قبل القبض أشبه البدل الدين، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "عن بيع الدين بالذين"، ولهذا لو جعل الثوب موصوفاً في الذمة بدلاً عن الحنطة في الذمة لم يجز، وهذا اختيار أبي حامد، والثاني: يجوز لأنه لو باع ثوباً بثمن في الذمة وافترقا قبل قبض الثوب جاز، فكذلك إذا كان الثمن عيناً والمبيع في الذمة يجوز أن يفترقا قبل القبض. قال القفال: هذا أقيس وكلام الشافعي محمول على أنه أراد به في مال الربا استبدل طعاماً بطعام أو دراهم بدنانير وأراد بقوله: يداً بيد أن لا يكون ديناً بل يكون عيناً، ولم يرد به أن يكون قبضاً في المجلس.

فرع

لو أقرضه طعاماً وهو في يد المستقرض لم يتصرف [١٢٩/ ب] فيه لا يجوز أن يأخذ منه بدله سواء قلنا: زال ملكه عن العين بنفس الإقراض أو قلنا: لا يملك إلا بالتصرف فيه لأن على القول الأول زال ملكه عن العين ولم يستقر بدله في ذمة المستقرض لأن له الرجوع في العين، فلا يجوز أخذ البدل وإن قلنا بالقول الثاني: فقد ضعف ملكه لما زال يده وسلط عليه غيره بالتصرف فيه ذكره القاضي الطبري، وإن كان المستقرض باعه ثم رجع إليه بإرث أو شراء لا يجوز للمقرض أن يأخذ عوض العين ولكن يأخذ عوض ماله في ذمته على ما بيناه.

فرع آخر

لو كان له في ذمة الغير طعام مستقر إلى أجل مهراً أو عوض خلع ونحو ذلك، يأخذ منه بدل الطعام، قال في الصرف: فإن لم يكن مطعوماً يجوز، وإن كا مطعوماً من غير جنسه لا يجوز لأنه بيع طعام بطعام إلى أجل قال أبو حامد: وعندي أنه لا يجوز لأنه إذا قبض منه ذلك برئت ذمة من عليه الطعام منه فكيف يبقى في ذمته إلى أجل؟ [١٣٠/ أ]

فرع آخر

إذا أقرض رجل طعاماً بمصر ثم التقيا بمكة فطالبه بالطعام الذي له في ذمته لا يجب عليه دفعه إليه بمكة، لأن الأسعار تختلف ولأنه يلحقه مؤونه في نقله من مصر إلى مكة

<<  <  ج: ص:  >  >>