للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"صاعاً من سمراء" يعني إن تطوع به قبلناه لأنه أفضل وقوله: مثل لبنها إذا كان بنها صاعاً كيلاً يكيل وله أن يتطوع بدفع القمح، قال: وكل موضع كان الصاع من التمر أقل من نصف ثمن الشاة فهو الأصل لا يطالب بغيره، وإن كان الصاع أكثر من نصف ثمن الشاة، مثل إن كان في البلد الذي يعز فيه التمر كخراسان رد معها قيمة صاع من تمر بالحجاز يوم ارد كرجل أقرض رجلاً صاعاً من تمر بالحجاز فلقيه بخراسان له مطالبته بقيمته بالحجاز يوم الرد كرجل أقرض رجلاً صاعاً من تمر بالحجاز فلقيه بخراسان له مطالبته بقيمته بالحجاز يوم المطالبة، وليست له مطالبته بالتمر كذلك ها هنا.

ومن أصحابنا من قال: على هذا إذا عدم التمر يلزمه قيمته وفي محل قيمته وجهان: أحدهما: قيمته في أقرب بلاد التمر منه، والثاني: قيمته بالمدينة، ومن أصحابنا من قال: يرد صاعاً من تمر أبداً وإن كان قيمته أضعاف ثمن الشاة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدره به ولا يكون جامعاً بين الشاة وثمنها إذا كان اشتراها بصاع لأن هذا بدل اللبن [١٣٣/ أ] لا بدلها، ومن أصحابنا من قال: إذا اشترى بصاع فيه وجهان: أحدهما: هذا، والثاني: يرد من الصاع بقدر نقص التصرية من الثمن فتقوم الشاة لو لم تكن مصراة ويقوم مصراة فإن نقص درهماً من عشرة علم أن نقص التصرية الخمس فيرد المشتري خمس الصاع الذي اشتراها به ومن أصحابنا من قال: نص على التمر، لأنه قوت الحجاز ونص على البر لأنه قوت بلد آخر وأفاد اختلاف الألفاظ من الخبر، لأنه يعتبر غالب قوت بلد البيع تمراً كان أو براً أو شعيراً كما قولنا في زكاة الفطر وهو اختيار ابن سريج والإصطرخي، ومن أصحابنا من قال: يعطي من أي الأقوات المزكاة شاء من بر أو شعير، ومن أصحابنا من قال: يختلف ذلك باختلاف اللبن فيؤدي بقيمته اللبن وهو ضعيف.

فرع

لو أراد المشتري رد اللبن فاللبن الذي كان في ضرعها حي البيع لا يمكن رده وحده لأنه قد اختلط باللبن الحادث المشتري، وإن رضي المشتري رد الكل على البائع أشار أبو حامد في "الشرح" إلى وجهين: أحدهما: عليه القبول لأنه حقه [١٣٣/ ب] وزيادة، والثاني: لا يلزمه القبول لأنه بالحلب صار ناقصاً لإخراجه من الضرع الذي منع التغير، وصار حيث يسرع إليه التغير فله أن يمتنع من قبوله، وهذا أصح عند جمهور أصحابنا، فإن تراضياً عليه جاز.

فرع آخر

إذا علم المشتري بالتصرية في اليوم الثاني والثالث للخبر نص عليه في "الإملاء" في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى حكاه القاضي في "الجامع"، ومن أصحابنا من قال: إذا علم بأنها مصراة فالرد على الفور فإن لم يرد مع الإمكان بطل الرد كسائر العيوب، وإنما جعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثلاث ليحصل له يقين التصرية وهو اختيار ابن أبي هريرة، وحكى أنه قال: المراد بالثلاث المذكور في الخبر خيار الشرط لا يثبت إلا بالشرط والرد بعيب التصرية يكون عند العلم على ما ذكرنا، وحكي عن أبي إسحاق أنه قال: لو أراد الرد قبل الثلاث ليس له لأنه لا يعلم العيب بأقل من ثلاثة أيام وإنما حد ثلاثة أيام لهذا المعنى، ولو أراد الرد بعد الثلاث ليس له لأنه ترك الرد بعد القدرة مع معرفة العيب وإنما له الرد عند انقضاء [١٣٤/ أ] الثلاث وهذا بعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>