للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع آخر

لو باع السارق الذي وجب قطع يده يصبح بيعه، فإذا قطع يده في يد المشتري فعلى قول الشافعي كان له الخيار بين الإمساك والرد لأنه لو قتل في يده باستحقاق كان له فسخ العقد، فمع قطع اليد أولى وعلى قول ابن سريج: لا يرد لحدوث العيب في يده فيرجع بأرش العيب، ويقوم صحيحًا غير سارق وصحيحًا سارقًا، ويرجع نقصان ذلك من الثمن، وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا قلنا بالأول: لا يرد بل يرجع بما قيمته سارقًا مقطوعًا وقيمته غير معيب بالسرقة من الثمن، وهذا ضعيف. وهكذا الحكم من اشترى عبدًا به جراحة فلم يعلم بها حتى سرى الجرح ومات، وإن كان عالمًا بالحال فلا خيار له بلا خلاف.

مسألة: قال: "ومن اشترى عبدًا وله ماٌل فماله للبائع".

الفصل

جملة هذا أن العبد لا يملك شيئًا إذا لم يملكه السيد قولًا واحدًا، وإن ملكه السيد هل يملك فيه [١٧٥/ أ] عليه ومانع لانتزاع السيد ذلك من يده وصار كأنه باع عبدًا ذا مال كما يبيع عبدًا ذا زوجٍة بدليل أنه قال: فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع فجعله للمبتاع بالشرط لا بالشراء، ولو كان يصير له بالشراء لقال فماله للبائع إلا أن يشتريه المبتاع فعلى هذه العلة لا يكون مال العبد مبيعًا فيصح البيع، وإن كان المال دينًا أو غائبًا أو مجهولًا أو مفضيًا إلى الربا، حتى لو كان مال العبد ألفي درهم فاشتراه بألف درهم صح وللمشتري أن ينتزع له ألفين من يده ويدفع أحد الألفين إليه في ثمنه ويبقى له العبد والألف بغير شيء دفعه من ماله. وقال الاصطخري وابن خيران: التعليل كون المال يبقى له فيجوز مع الجهالة في حقوق الدار ولا يمنع جواز البيع قالا: وعلى هذا لا يجوز إذا أدى إلى الربا، وإن كان تبعًا لأن الربا لا يجوز تبعًا وينبغي أن ينزه العبد عن الربا تبعًا ومتبوعًا فعلى هذا لو كان ماله ألفي درهم لا يجوز أن يشتريه بألف ولا بألفين لأجل الربا، والصحيح العلة الأولى لأن الشافعي قال في القديم: وعاب علينا بعض الناس أنكم جوزتم [١٧٥/ ب] بيع العبد معه ألفان بألف فيبقى له العبد والألف فالتزم الشافعي جواز ذلك، وهذا سؤال أبي حنيفة أنه لا يجوز إذا كان معه نقدًا لا أن يكون الذي مع العبد أقل من الثمن، ولو باع هذا العبد مطلقًا، ولم يذكر المال لا يدخل المال في البيع بلا إشكال. وقال الحسن: يكون ماله للمشتري وإن أطلق وهذا غلط لما ذكرنا من الخبر.

فرع

لو أعتقه فالمال الذي معه للسيد، وقال مالك: ماله للعبد إذا كان ملكه وهذا غلط، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق عبدًا وله مالٌ فماله للمعتق"، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه أراد أن يعتق عبدًا له فقال: يا أبا عمير ما مالك؟ فأنا أريد أن أعتقك وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أعتق عبدًا فماله للذي أعتق"، وروي أنه أعتقه ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>