للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

إذا باع العنب ممن يعصر الخمر فإن باعه عالماً بأنه يعصر خمرًا، وأن المشتري يشتريه لذلك فقد فعل محرمًا، لأنه قصد المعاونة على المعصية والبيع صحيح لأن التحريم لمعنى في غير المقصود عليه، ومن أصحابنا من قال: هذا اختيار أبي حامد، وقول جمهور أصحابنا: أنه يكره ولا يحرم وإن باعه مطلقًا ولم يقصد به شيئًا، ولكن ظاهر ظنه أنه يتخذه خمرًا فقد فعل مكروهاً خشية الحرام، ولا يكون حراماً لأنه قد تخلله أو يبيعه بريبة ولا يبطل البيع بحال، وحكى ابن المنذر عن الحسن أنه قال: لا بأس يبيع التمر ممن يتخذه سمرًا. وقال الثوري: بع الحلال ممن شئت، وقال مالك: البيع باطل وبه قال أحمد، وقال أحمد كذلك: لا يجوز بيع الجارية [١٧٧/ ب] ممن يتخذها للغناء، وهكذا الخلاف في بيع السيف ممن يعصي الله تعالى به ومذهبنا على التفصيل ذكرنا.

فرع

بيع السلاح من أهل الحرب في دار الإسلام هل يجوز؟ وجهان أحدهما: لا يجوز لتحريم إمضائه، والثاني: يجوز ويفسخ وهما مخرجان من القولين في شراء الكافر عبدًا مسلمًا، وقال بعض أصحابنا: لا يجوز وجهاً واحدًا لأنه فيه تقوية الكفار على المسلمين وهو اختيار القاضي الطبري وقد قيل: لا يجوز من الحربي ومن الذمي في دار الإسلام وجهان، لأنه ربنا ينقض العهد أو ينفذه إلى دار الحرب.

فرع آخر

إذا وجد شاةً مذبوحة في بلد يجمع محبوسًا ومسلمين لم يحل أكلها إلا أن يغلب على الظن الإباحة بأن يكون عدد المسلمين أكثر.

مسألة: قال: وأكره مبايعة من أكثر ماله حرام.

إذا باع السلطان الجائر الذي يأخذ الجزية والخراج ويأخذ المال ظلمًا بالمصادرات أو الذمي الذي يبيع الخمر والخنزير [١٧٨/ أ] ويأخذ الثمن فإن تيقن أنه حرام لا يجوز أن يبايعه، فإن اشترى منه شيئًا أو باع فما أخذه يلزمه رده على صاحبه أو كان باقيًا أو ضمانه إن تلف ولا ينعقد البيع أصلًا، وإن علم أنه حلال تجوز المبايعة با خلاف، وإن لم يعلم الحال يلزم مبايعته ولكن لا يبطل لأن الظاهر فيما في يده أنه ملكه، وهذا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات لا يدري أكثر الناس من الحلال هي أو من الحرام فمن تركه استبراءً لعرضه ودينه فقد سلم ومن واقعه يوشك أن يواقع حرامًا كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه إلا وإن لكل ملك حمى وحمى الله محارمه"، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، والدليل على جوازه ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رهن درعه عند أبي الشحم اليهودي على شعير أخذه لأهله.

<<  <  ج: ص:  >  >>